77

Tayip'in Mücadelesi

كفاح طيبة

Türler

وقال القائد ديب فرحا: مولاي .. لقد كسبنا موقعة هيراكونبوليس الهائلة!

وكان الملك أحمس يتساءل: ترى هل انكشفت الغمة؟ .. ترى هل حقا زالت المخاوف؟ ثم التفت إلى ديب وقال: بل قل إننا حطمنا عجلات الرعاة وكفى.

وسرت الأخبار إلى الجيش فشاع الفرح في النفوس، وهرع رجال الحاشية يتقدمهم حور إلى الملك وهنأوه بالنصر المبين الذي فتح الرب به عليه، ودخل أحمس مدينة هيراكونبوليس على رأس جيشه، وهرع معه الأهالي إليها من الحقول فروا إليها خوفا من انتقام الرعاة، واستقبلوا ملكهم استقبالا حارا وهتفوا لجيش الخلاص هتافا يشق عنان السماء.

وكان أول شيء فعله الملك أن صلى للرب آمون الذي مد له يد المعونة بعد أن كاد يشفي على اليأس.

9

واستراح الجيش في هيراكونبوليس بضعة أيام بعد قتال عنيف دام اثني عشر يوما، وأشرف أحمس بنفسه على تنظيم المدينة وإعادة مصريتها الأولى إلى حكومتها ومزارعها وأسواقها ومعابدها، وواسى الأهالي لما تعرضوا له من ألوان الاضطهاد وما تعرضت له مدينتهم في أثناء تقهقر الرعاة من النهب والسلب والتخريب.

ثم زحف الجيش نحو الشمال وأبحر معه الأسطول ودخل مدينة نخب في عصر اليوم نفسه دون مقاومة، وبات فيها حتى فجر اليوم الثاني، ثم استأنف مسيره دون أن يلتقي بأية قوات للعدو فاحتل القرى ورفع عليها الأعلام المصرية، وشارف وادي لاتوبوليس بعد ثلاثة أيام، وكان الملك ورجاله يظنون أن العدو سيدافع عنها فأرسل أحمس طلائع جيشه إليها وحاصر أحمس إبانا شطآنها الغربية ولكن الطلائع دخلت المدينة دون مقاومة فدخلها الجيش آمنا، وقص عليهم الأهالي كيف مر بهم جيش أبوفيس يحمل جرحاه، وكيف حمل أصحاب الدور والمزارع من الرعاة أثاثهم وأموالهم ولحقوا بجيش ملكهم في حالة شديدة من الفزع والفوضى.

وتقدم الجيش بقواته المرهوبة يدخل القرى والمدن دون أدنى مقاومة حتى بلغ ترت، ثم بعدها هزمنتيس، وكانوا يتوقون جميعا إلى ملاقاة عدوهم ليشفوا غل صدورهم، ولكن كان السرور يتألق في وجوههم كلما رفعوا العلم على بلدة أو قرية وشعروا أنهم حرروا قطعة من الوطن الأثير، وكان خبر الهزيمة التي لحقت بفرقة عجلات الرعاة ينعش نفوس الجنود ويذكي في قلوبهم الأمل والحماسة، فمضوا ينشدون الأغاني الحماسية، ويضربون في أرض الوادي بسيقانهم النحاسية، حتى طالعتهم أسوار مدينة هابو المتوغلة في منطقة طيبة، وكان الوادي ينحدر نحو جنوبها انحدارا فجائيا شديدا، فذهبت الطلائع إلى المدينة ولكنها كانت كسابقاتها من المدن بغير حراس، فدخلها الجيش في سلام، هز دخول هابو قلوب الجنود جميعا لأنها وطيبة كانتا كأعضاء الجسم الواحد، ولأن كثيرا من جنود الجيش كانوا من بنيها البواسل، فتعانقت في ساحاتها القلوب والأنفس وهتفت الضمائر بأناشيد الشوق والحنين، ثم تقدم الجيش شمالا بقلوب متحفزة وأنفس متوثبة، وهو يعلم أنه مقبل على العمل الفاصل في تاريخه والمعركة الخطيرة التي تقرر مصير طيبة، وانحدر في الوادي العظيم الذي يطلق عليه الطيبيون «طريق آمون» وكان يتسع كلما أوغلوا فيه حتى بدا لهم السور العظيم ذو الأبواب المتعددة يقطع الطريق عليهم ويمتد شرقا وغربا، تنطلق من خلفه المسلات وجدران المعابد والأبنية الشاهقة يتمثل فيها جميعا المجد والخلود وتطوف بها الذكريات العظيمة، فسرت منها إلى النفوس عاصفة من الحماسة والحنين زلزلت القلوب والضمائر، فتصايحت جنبات الوادي هاتفة: «طيبة ...» «طيبة ...». وجرى اسمها على كل لسان ولهجت به الأفئدة المضطرمة، وما زالوا يهتفون حتى جرى الدمع كبرياءهم فبكوا وبكى حور الشيخ!

وعسكر الجيش العظيم، ووقف أحمس في قلبه يرفرف على رأسه علم طيبة الذي حاكته توتيشيري بيديها، يرسل ناظريه إلى المدينة وقد لاحت فيهما الأحلام ويقول: طيبة .. طيبة .. يا أرض المجد .. ومثوى الآباء والأجداد، أبشري فغدا يطلع عليك صبح جديد!

10

Bilinmeyen sayfa