Hurafe: Çok Kısa Bir Giriş
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Türler
مع ذلك، حتى في حال عدم التوافق بين الأسطورة والعلم، لماذا لا تتسم الأسطورة بأنها علمية من وجهة نظر تايلور؟ لا بد أن الإجابة هي أن المسببات الشخصية غير علمية. ولم ذلك؟ لم يجب تايلور قط. وربما تتمثل الإجابة في أحد الأسباب التالية: أن المسببات الشخصية عقلية - أي إنها قرارات أياد فاعلة إلهية - بينما تعتبر المسببات غير الشخصية مادية. أن المسببات الشخصية لا يمكن التنبؤ بها أو اختبارها، بينما يمكن توقع وقياس المسببات غير الشخصية. أن المسببات الشخصية خاصة، بينما المسببات غير الشخصية معممة. وأن المسببات الشخصية نهائية أو غائية (لها غاية)، بينما المسببات غير الشخصية فاعلة ومؤثرة. ولكن، لا تفرق أي من هذه الأسباب في حقيقة الأمر بين المسببات الشخصية وغير الشخصية، مما يصعب معرفة كيف استطاع تايلور الدفاع عن قناعته بأن الأسطورة غير علمية.
نظرا لأن تايلور لا يشكك في هذا الافتراض أبدا، فإنه لا يسلم جدلا فقط بأن الأشخاص البدائيين لا يملكون إلا أساطير، بل والأدهى من ذلك أن الحداثيين لا يملكون إلا العلم. وليس من قبيل المصادفة، إذن، أن يشير تايلور إلى «مرحلة صناعة الأسطورة» في الثقافة. وبدلا من كون الأسطورة ظاهرة خالدة، مثلما يزعم كل من ميرسيا إلياد وسي جي يونج وجوزيف كامبل بتعالي، لا تعتبر الأسطورة من منظور تايلور أكثر من مجرد ظاهرة زائلة ، وإن كانت تزول ببطء. فلقد أدت الأساطير دورها باقتدار غير أن زمانها انتهى. وفشل الحداثيون الذين لا يزالون يتشبثون بالأساطير في إدراك أو التسليم بعدم توافقها مع العلم. وبينما لا يشير تايلور إلى تاريخ بداية المرحلة العلمية، فإن هذا التاريخ يتطابق مع تاريخ بداية الحداثة، ومن ثم لا يرجع إلى أكثر من قرون قليلة خلت. وعند وفاته في عام 1917، لم يتخيل على الإطلاق وجود مرحلة تتعدى الحداثة. وأحد الأمثلة الحديثة على موقف تايلور، عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي دافيد بدني.
أحد أسباب وضع تايلور للأسطورة في مواجهة مع العلم هو تصنيفه للأسطورة تحت مظلة الدين. ومن وجهة نظره، لا توجد أسطورة خارج مجال الدين، على الرغم من عدم وجود أسطورة في الدين الحديث. ولأن الدين البدائي يعتبر نظير العلم، كذلك يجب أن تكون الأسطورة، ولأن الدين يجب فهمه حرفيا، كذلك يجب فهم الأسطورة على النحو نفسه.
من الأسباب الأخرى لوضع تايلور الأسطورة في مواجهة مع الدين أنه يفسر الأسطورة تفسيرا حرفيا. ويعارض تايلور من يفسرون الأسطورة بصورة رمزية، أو شعرية، أو مجازية، وهي جميعا بالنسبة إليه مصطلحات متماثلة. ويعارض أيضا «الرمزيين الأخلاقيين» الذين يعتبرون أسطورة قيادة هيليوس اليومية لعربته عبر السماء وسيلة لغرس الانضباط الذاتي. بالمثل، يعارض تايلور «المؤلهين» الذين يرون الأسطورة مجرد أسلوب حيوي لوصف إنجازات بطل محلي أو قومي. (كان يوهيمروس - الذي اشتقت من اسمه لفظة «مؤله» باللغة الإنجليزية - جامع أساطير يونانيا قديما أرسى تقليد البحث عن أساس تاريخي حقيقي للأحداث الأسطورية.) ويرى تايلور أن أسطورة هيليوس تفسر شروق الشمس وغروبها؛ وهذه الوظيفة التفسيرية «تتطلب» تفسيرا حرفيا. ولا تعتبر الأسطورة من منظور الرمزيين الأخلاقيين والمؤلهين نظيرا بدائيا للعلم؛ نظرا لأن الأسطورة تدور حول البشر أكثر مما تدور حول الآلهة أو العالم، وذلك في حال تفسيرها بصورة رمزية. ويرى الرمزيون الأسطورة غير علمية، نظرا لأنها تقدم وصفة إلى البشر حول كيفية التصرف أكثر مما تشرح طرق التصرف، وذلك حال تفسيرها تفسيرا رمزيا.
كتفسيرات للأسسطورة، يرجع كل من الترميز الأخلاقي وتأليه الأشخاص إلى العصور القديمة، إلا أن تايلور يرى أن المؤيدين لكليهما المعاصرين له تدفعهما رغبة في الحفاظ على الأسطورة، على الرغم من رفض العلم الحديث لها على هذا النحو المميز. وفيما يرفض تايلور أولئك الذين يفسرون الآلهة على أنهم مجرد استعارات تشير إلى البشر باعتبارهم «مؤلهين»، فإن المؤلهين القدامى أنفسهم سلموا على نحو تقليدي بأن الآلهة - ما أن افترض وجودهم جدلا - يفسرون كآلهة، وذهبوا إلى أن الآلهة «ظهرت للوجود» بتفخيم البشر وإجلالهم، مثلما يرى تايلور نفسه. وكان المؤلهون القدامى يرون أن الآلهة الأولين كانوا ملوكا عظماء بحق، جرى تأليههم بعد مماتهم. ورأى يوهيمروس نفسه أن الآلهة الأولين كانوا ملوكا جرى تأليههم وهم على قيد الحياة.
يأتي على طرف النقيض من تايلور معاصره في الحقبة الفيكتورية، فريدريك ماكس مولر (1823-1900) - ألماني المولد عالم اللغة السنسكريتية - الذي قضى حياته العملية في أكسفورد. وبينما أساء الحداثيون - من منظور تايلور - تفسير الأسطورة لنحوهم نحوا رمزيا، وصل الأمر بالقدماء أنفسهم - في وجهة نظر مولر - إلى إساءة تفسير أساطيرهم، أو البيانات الخرافية لانتهاجهم على نحو تدريجي نهجا حرفيا. وفي الأصل، كان الوصف الرمزي للظواهر الطبيعية يفسر كوصف حرفي لصفات الآلهة. على سبيل المثال، البحر الموصوف شعريا بأنه «هائج» كان يعتبر بمرور الوقت صفة للإله المشخصن المسئول عن البحر، ثم لاحقا ابتكرت أسطورة للتعبير عن هذه الصفة. وتنبثق الميثولوجيا في رأي مولر من غياب أو شبه غياب الأسماء المجردة وعلامات التذكير والتأنيث في اللغات القديمة؛ بناء عليه، دائما ما كان يحول أي اسم أعطي للشمس، لنقل على سبيل المثال «مصدر الدفء»، كيانا مجردا غير شخصي إلى شخصية حقيقية، ثم ابتكرت الأجيال اللاحقة الأساطير لملء تفاصيل حياة هذا الإله المذكر أو المؤنث.
في حالة تطبيق منهج تايلور على أسطورة أدونيس، سنجد أن الأسطورة تعبر عن تفسير - قائم بذاته - لشيء مدهش جرت ملاحظته. ويرى تايلور أن روايتي أبولودورس وأوفيد تقدمان تفسيرا لأصل شجرة المر. غير أن رواية أوفيد تقدم تفسيرا لأصل زهرة شقائق النعمان، وتفسر أيضا سبب قصر حياة الزهرة، وهو ما يرمز إلى قصر حياة أدونيس. فإذا كان للمرء أن يعمم ما يحدث لزهرة شقائق النعمان وغيرها من النباتات، فقد تفسر الأسطورة لماذا لا تموت هذه الكيانات بل إنها تولد من جديد. على الجانب الآخر، يرى تايلور أن أدونيس يجب أن يكون إلها، وليس بشرا، كما يجب أن تربط الأسطورة بين مراحل إنبات الزهور والنباتات على مدار العام بصورة عامة، وبين رحلة أدونيس السنوية إلى حادس والرجوع منه. غير أن موت أدونيس سيتم تجاهله؛ فالتركيز في الأسطورة يقع على قدرة أدونيس على السيطرة على الكيانات الطبيعية التي كان مسئولا عنها. أما عن الدرس المستفاد من الأسطورة، فهو فكري من جميع جوانبه: ويتمثل في معرفة المرء سبب سلوك المحاصيل على هذا النحو الفريد - إذ تموت ثم تعود إلى الحياة، ولا يحدث ذلك مرة واحدة بل إلى الأبد.
مع ذلك، فإن الأسطورة نفسها لا تربط بين رحلة أدونيس السنوية وبين مراحل الإنبات، على الرغم من وجود هذا الارتباط في طقوس نثر البذور في «حدائق أدونيس» سريعة النمو، سريعة الموت. وحتى في حال عدم ربط رحلة أدونيس بمراحل الإنبات، لن يتأتى أي أثر على النبات من أي قرار يتخذه أدونيس، مثلما قد يشترط تايلور، بل كنتيجة تلقائية لأفعاله.
إضافة إلى ذلك، سيجري التخلي عن جانب كبير من الأسطورة. فلا تغطي نظرية تايلور موضوعات زنا المحارم، والحب، والغيرة، والجنس. وبصورة أدق، لا تستطيع نظرية تايلور تغطية هذه الموضوعات إلا من باب تناول دوافع أدونيس. في المقابل، تظل هذه الدوافع دوافع الأشخاص من حول أدونيس، لا دوافعه هو. ويعتبر أدونيس شخصية سلبية أكثر من كونها فاعلة. وعلى الرغم من الأحداث الإعجازية في حياة أدونيس، لا يزال أدونيس بشرا، وليس إلها. إجمالا، تركز الأسطورة فيما يبدو على علاقاته بالآخرين أكثر من تأثيره أو تأثير الآخرين على العالم المادي.
تبدو نظرية تايلور مفصلة خصيصى لنموذج أسطورة تعبر بصورة جلية عن قصة الخلق، بل تعبر عن آليات عمل الظواهر المادية الجاري. خذ سفر التكوين الإصحاح الأول على سبيل المثال، الذي يعتبره تايلور أسطورة وفق هذا المعيار. ولنستشهد ببعض المقتطفات:
Bilinmeyen sayfa