Irak Tarihinin Özeti: Başlangıcından Günümüze
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
Türler
هو أبو العباس أحمد بن المستضيء بالله. مولده يوم الثلاثاء 10 رجب من سنة 550ه/8 آب 1158م، أمه أم ولد تركية اسمها «زمرد خاتون»، أدركت خلافته، وكانت من أرغب النساء في فعل الخير وأكثرهن له فعلا، ولها بر وأفضال فضلت به أمثالها في الصدقات الجارية وعمارة المساجد والمشاهد والأربطة والمدارس وغيرها. بويع له بالخلافة في صبيحة يوم الأحد غرة ذي القعدة من سنة 575ه/29 آذار 1180م، وكان الناس قبل مبايعته في ضيق من الجدب، وغلاء الأسعار، وقلة الأمطار، وكثرة الأمراض، وتفشي الوباء، فجاءت الأمطار، وهبطت الأسعار، وعظم الرخص، وأخذ الناس يهنئ بعضهم بعضا بما عمهم من البركات. ثم حمى حريم الدولة باهتمامه وكثرة جنوده، وله آثار جميلة من عمارة المساجد والربط والمشاهد على ما كانت تفعل أمه. وقد صنف كتابا في الحديث سماه «روح العارفين»، ثم أجاز لجماعة من أهل العلم وأصحاب الحديث، وقرئ كتابه بجوامع مدينة بغداد وغيرها من البلاد، ثم جدد عزيمة في إزالة السلاطين السلجوقية الذين اهتضموا حقوق الخلفاء والرعية، واتخذ الوسائل الناجعة لقطع دابرهم من العراق. ثم ملك بلاد خراسان بجيش أرسله إلى هناك، وكذلك دقوقا، وقلعة تكريت، وقلعة الحديثة، ثم ملك همذان، وأسقط ما كان بها من الملوك، وقتل السلطان طغرلبك السلجوقي بتدبير وزيره محمد بن القصاب، وبعث برأسه إلى بغداد، ثم أنشأ دور الضيافات في سائر محال بغداد لفطور الفقراء في شهر رمضان، وعمر دارا لوفد الحاج والغرباء وغيرهم، وأنفق عليهما أموالا طائلة، ووقف خزائن كتب محتوية على جميع العلوم النافعة وجعلها وقفا على المسلمين، ولم يبلغ أحد ممن قبله ما استجد من الأبنية التي يبقى ذكرها ويضوع نشرها.
وفي أيامه انتزع بيت المقدس من أيدي الإفرنج على يد صلاح الدين الأيوبي، ومما أنشأه: رباط الحلاطية بمشرع الكرخ، مجاور مشهد عون ومعين، وتربة إلى جنب هذا الرباط، ودفن فيها جثة التي وقف الرباط عليها، وهي «سلجوقي خاتون» بنت السلطان قلج أرسلان مسعود ملك الروم، وكذلك رباط الحريم ورباط المرزبانية، وهذا الرباط بناه وعزم أن يقطع ويترك الخلافة زهدا في الدنيا، وأنشأ في ذلك كتابا بليغا ليقرأ على الناس، ثم بدا له غير ذلك. وقد وقف على هذه الأماكن وقوفا متوفرة الحاصل، يبقى ذكرها ويحصل له أجرها، وله مناقب كثيرة وفضائل جمة ذكرها ابن الساعي الشنجا في كتاب في خمسة مجلدات سماه كتاب «الروض الناضر في أخبار الإمام الناصر»، وكان الناصر ذا تفنن في تجسس الأخبار والوقوف على أسرار الناس، من ذلك ما نقل عما جرى لصاحب مازندران حينما قدم بغداد، فإنه كانت تأتيه ورقة كل صباح بما عمل في الليل، فصار يبالغ في التكتم، والورقة تأتيه بذلك، فاختلى ليلة بامرأة دخلت من باب السر، فصبحته الورقة بذلك وفيها: «كان عليكم دواج فيه صورة الفيلة.» فتحير وخرج من بغداد، وهو لا يشك أن الخليفة يعلم الغيب؛ لأن الإمامية يعتقدون أن الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل وما وراء الجدار. وقال ابن واصل: «كان الخليفة مع ذلك رديء السيرة في الرعية، مائلا إلى الظلم والعسف، ففارق أهل البلاد بلادهم وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالا متضادة، وكان يتشيع ويميل إلى مذهب الإمامية.» وقال ابن الأثير: «وكان يفعل الشيء وضده، فكان يرمي بالبندق ويحوي الطيور المناسيب، وعني بسراويلات الفتوة في البلاد جميعها إلا من يلبس منه سراويل يدعى إليه. ولبس كثير من الملوك منه سراويلات الفتوة، وكذلك منع الطيور المناسيب لغيره إلا ما يؤخذ من طيوره، ومنع الرمي بالبندق إلا من ينتمي إليه، فأجابه الناس بالعراق وغيره إلى ذلك، فكان غرام الخليفة بهذه الأشياء من أعجب الأمور، وكان سبب ما ينسبه العجم إليه صحيحا، من أنه هو الذي أطمع التتر في البلاد وراسلهم في ذلك، فهو الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب عظيم.» وقال المؤرخون: قل بصر الناصر في آخر عمره، وقيل ذهب كله، ولم يشعر بذلك أحد من الرعية، حتى الوزير وأهل الدار، وكان له جارية علمها الخط بنفسه، فكانت تكتب مثل خطه فتكتب على التواقيع، وكان الماء الذي يشربه الناصر تأتي به الدواب من فوق بغداد بسبعة فراسخ، ويغلى سبع غلوات كل يوم غلوة، ثم يحبس في الأوعية سبعة أيام، ثم يشرب منه، ومع هذا ما مات حتى سقي المرقد مرارا، وشقت آلته وأخرج منها الحصى ومات منه. توفي ليلة الأحد سلخ شهر رمضان من سنة 622 (5 ت1 سنة 1225م)، ودفن بدار الخلافة، ثم نقل إلى تربة الرصافة، فدفن في جانب جده المستنجد بالله. (4-34) الظاهر
ولد الظاهر بأمر الله بن الناصر في المحرم سنة 571ه/تموز 1175م، أمه أم ولد تركية اسمها «بقجة»، لم تدرك خلافته. وقد عتق خمسين جارية صرن إليه عن والده ممن كن يصلحن للتسري تورعا، وأعطى لكل واحدة منهن خمسمائة ساد سوى ما كان لها. وأنشأ جسرا نصبه على دجلة، فصار لها جسران. قال ابن الأثير: «وقد أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنة العمرين، فلو قيل: إنه لم يل الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقا؛ فإنه أعاد من الأموال المغصوبة في أيام أبيه وقبله شيئا كثيرا، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وأن يسقط جميع ما جدده أبوه، وكان كثيرا لا يحصى؛ فمن ذلك أن قرية بعقوبا كان يحصل منها قديما نحو عشرة آلاف دينار، فلما تولى الناصر كان يؤخذ منها كل سنة ثمانون ألف دينار، فحضر أهلها واستغاثوا وذكروا أن أملاكهم أخذت حتى صار يحصل منها هذا المبلغ، فأمر أن يؤخذ الخراج الأول، وهو 10 آلاف دينار. فقيل له إن هذا المبلغ يصل إلى المخزن، فمن أين يكون العوض؟ فأقام لهم العوض من جهات أخرى. فإذا كان المطلق من جهة واحدة سبعين ألف دينار فما الظن بباقي البلاد؟ ومن أخلاقه الطيبة أن العادة كانت ببغداد أن الحارس بكل درب يبكر ويكتب مطالعة إلى الخليفة بما تجدد في دربه من اجتماع بعض الأصدقاء ببعض على نزهة أو سماع أو غير ذلك، ويكتب ما سوى ذلك من صغير وكبير، فكان الناس من هذا في حجر عظيم، فلما ولي هذا الخليفة أتته المطالعات على العادة، فأمر بقطعها، وقال: أي غرض لنا في معرفة أحوال الناس في بيوتهم؟ فلا يكتب أحد إلينا إلا ما يتعلق بمصالح دولتنا. فقيل له إن العامة تفسد بذلك ويعظم شرها. فقال: نحن ندعو الله في أن يصلحهم.» كانت وفاته يوم الجمعة 13 رجب من سنة 623ه/11 تموز 1226م، فكانت خلافته 9 أشهر و14 يوما، ودفن بدار الخلافة ثم نقل إلى تربة الرصافة، فدفن إلى جانب والده. (4-35) المستنصر بالله
المستنصر بالله: هو أبو جعفر المنصور بن الظاهر بأمر الله الخليفة السابق، كان مولده يوم الأربعاء 13 صفر من سنة 588 (11 آذار سنة 1192م)، أمه أم ولد تركية اسمها «أخشق»، وقيل «زهرة»، لم تدرك خلافته. بويع له بالخلافة يوم توفي والده، وكان يعظم أهل الدين وينفق على أربابه، ويحب أهل الأدب، وتنبهت الهمم في أيامه، وازداد المشتغلون بالعلوم رغبة واشتغالا، ووسعهم بعطاياه العميمة، وكان منعكفا على نقل الكتب، حسن الخط، صحيح الضبط، ومن محبته للعلوم أنشأ خزانة الكتب بحضرته، وجمع فيها من أنواع العلوم على اختلافها وتباينها وائتلافها بالأصول المضبوطة والخطوط المنسوبة ما جاوز حد الكثرة. ثم أنشأ المدرسة التي سميت باسمه، ودونك وصفها على ما ذكرها إخباريو زمانه:
وصف المدرسة المستنصرية الموجود بعض أبنيتها إلى يومنا هذا، وكانت في عهد الترك كمركا (ممكسا)
أنشأ المستنصر هذه المدرسة على شاطئ دجلة الأيسر أو الشرقي، وجعلها وقفا على المذاهب الأربعة، فجاءت محكمة البناء، راسخة في الماء، فسيحة الفناء، رتب فيها الرواتب الحسنة لأهل العلم، وكان يدرس فيها من العلوم: علم الأصول والفروع، وأحاديث الرسول، والقواعد العربية، وعلم القوافي، ومعرفة الحلال والحرام، وقسمة الفرائض والتركات، وعلم الحساب والمساحة، وعلم الطب، ومنافع الحيوان وحفظ قوام الصحة، وتقويم البلدان . وفرشت غرفها بأفخر فراش، وكسيت بأحسن الملابس. ورتب لها البوابين والفراشين والخدم والطباخين، وأسكن لكل مذهب 62 من الفقهاء، وجعل لهم مدرسين وأربعة معيدين، وأجريت لهم المشاهرات الوافرة، وما يحتاجون إليه من الخبز واللحم والحلوى والفواكه والزيت والصابون والورق والحبر وغير ذلك، واتخذ فيها مارستانا، وجعل فيه طبيبا ماهرا، وأثبت عنده عشرة من الطلبة يشتغلون عليه في علم الطب، وجعل لهم الأكحال السائلة، وبنيت لهم صفة فاخرة مقابلة للمدرسة يجلس فيها فيقصده المرضى فيداويهم. ورتب في المدرسة مطبخا للفقهاء، ومزملة للماء البارد، ورتب لبيوت الفقراء الحصر والبسط وما يحتاجون إليه، ورتب للطلبة ومن إليهم حماما، وهو أمر لم يسبق إلى مثله، وبنى في حائط الصفة دائرة عجيبة، وصورتها صورة الفلك، وجعل فيها طاقات صغارا لها أبواب، كلما سقطت بندقة انفتح باب من أبواب الطاقات وهو مذهب، فصار مفضضا، ومضت ساعة من الزمان والبندقتات من شبه (برنز) يقعان من فمي بازين من ذهب في طاستين من ذهب ويذهبان إلى مواضعهما، وتطلع شموس من ذهب في سماء زرقاء في ذلك الفلك، ومع طلوع الشمس تدور مع دورانها وتغيب مع غيابها، فإذا غابت الشمس وجاء الليل فهناك أقمار طالعة من ضوء خلفها كلما مضت ساعة تكامل الضوء في دائرة القمر، ثم تبدو بالدائرة الأخرى إلى انقضاء الليل وطلوع الشمس.
ثم جعل في هذه المدرسة خزانة كتب نقل إليها شيئا كثيرا من الربعات والكتب النفيسة والأصول المضبوطة المحتوية على جميع العلوم مائتين وتسعين حملا سوى ما نقل إليها بعد ذلك ، وشرط أن يشتغل في هذه الخزانة عشرة ممن يعنون بعلم الحديث، ويكون لهم شغلان يشغلون الطلبة أيضا بعلم الحديث النبوي، ورتب عندهم شيخا على الأستاذ يقرأ عليه الحديث. ثم إلى جانب هذه المدرسة دار برسم تلقين القرآن، يتبنى بها ثلاثون صبيا أيتاما، يتلقنون القرآن من شيخ ملقن، ويكون لهم معيدا بحفظهم التلاقين، وشرط للجميع من الخبز والمشاهرة والوظائف ما تضمنه شرط الواقف. وقد ارتفع مبلغ وقوف المستنصرية في العام نيفا وسبعين ألف مثقال. ثم شرط أيضا أن يكون فيها من يشتغل بعلم العربية، وكذا من يشتغل بعلم الحساب والفرائض، وكان عدد فقهائها مائتين وثمانية وأربعين فقيها من المذاهب الأربعة، ما عدا سائر المعلمين والشيوخ، وقد وقف عليها ما لا يعبر عنه من عدد القرى والضياع. وكان ابتداء عمارتها في سنة 625 هجرية (1228م)، وتمت في سنة 631، وفتحت يوم الخميس في رجب (آذار 1235م)، وحضر القضاة والمدرسون والأعيان وسائر وجهاء الدولة، وكان يوما مشهودا.
وأنشأ غيرها من المدارس والمشاهد والمساجد والربط والمغاور والقناطر ووسع الطرقات، إلى غير ذلك من الصدقات في كل الأيام، وأعطى الثياب والخلع والجرايات في شهر رمضان، والرواتب في سوى ذلك، وعموم هذه الأسباب، العلماء والعباسيين والعلويين والضعفاء والمساكين وتزويج الأيامى والحنو على اليتامى.
واستخدم عساكر عظيمة لم يستخدم مثلها أبوه وجده، حتى إن جريدة جيشه بلغت نحو مائة ألف فارس استعدادا لحرب التتار. وكان ذا همة عالية وشجاعة عجيبة وإقدام عظيم، وكان التتار قصدت البلد، فلقيهم عسكره، فهزموهم شر هزيمة، وكان له أخ يقال له: الخفاجي، فيه شهامة زائدة، كان يقول: «لئن وليت لأعبرن بالعسكر نهر جيحون، وآخذ البلاد من أيدي التتار وأستأصلهم.» فلما مات المستنصر لم ير الدويدار ولا الشرابي تقليد الخفاجي خوفا منه، وأقاما ابنه أبا أحمد للينه وضعف رأيه ليكون لهما الأمر، ليقضي الله أمرا كان مفعولا من تغلب التتار على بغداد وتخريبها؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن مآثر المستنصر أنه أمر في سنة 632ه/1235م أن تضرب الدراهم الفضية ليتعامل بها بدلا من الدراهم المتخذة من قراضة الذهب، فجلس الوزير وأحضر الولاة والتجار والصيارفة، وفرشت الأنطاع وأفرغ عليها الدراهم، وقال الوزير: «قد رسم مولانا أمير المؤمنين لمعاملتكم بهذه الدراهم عوضا عن قراضة الذهب رفقا بكم وإنقاذا لكم من التعامل بالحرام من الصرف الربوي.» فأعلنوا بالدعاء، ثم أديرت بالعراق، وسعرت كل عشرة بدينار. وكان قد خطب له بالأندلس وبعض بلاد المغرب، وكانت وفاته بكرة نهار يوم الجمعة 10 جمادى الآخرة سنة 640 (6 ت2 سنة 1242م)، وكتم موته إلى أن بويع لولده الأكبر أبي أحمد عبد الله، ثم خطب له على منابر بغداد وهو ميت، ثم أشيع نعيه بعد ذلك، ودفن في الدار المثمنة على دجلة، ثم نقل تابوته إلى تربة الرصافة، فدفن تحت قبة كان قد اتخذها لنفسه مدفنا، وكان عمره 52 سنة و6 أشهر و17 يوما، ومدة خلافته 16سنة و10 أشهر و28 يوما. (4-36) المستعصم بالله
Bilinmeyen sayfa