إِذْ لَو وثقوا بذلك لجرى مجْرى الْقُرْآن الْكَرِيم فِي إِثْبَات الْقَوَاعِد الْكُلية وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لأمرين أَحدهمَا أَن الروَاة جوزوا النَّقْل بِالْمَعْنَى فتجد قصَّة وَاحِدَة قد جرت فِي زَمَانه
لم تقل بِتِلْكَ الْأَلْفَاظ جَمِيعهَا نَحْو مَا رُوِيَ من قَوْله زوجتكها بِمَا
مَعَك من الْقُرْآن ملكتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن خُذْهَا بِمَا مَعَك من الْقُرْآن وَغير ذَلِك من الْأَلْفَاظ الْوَارِدَة فنعلم يَقِينا أَنه
لم يلفظ بِجَمِيعِ هَذِه الْأَلْفَاظ بل لَا نجزم بِأَنَّهُ قَالَ بَعْضهَا إِذْ يحْتَمل أَنه قَالَ لفظا مرادفا لهَذِهِ الْأَلْفَاظ غَيرهَا فَأَتَت الروَاة بالمرادف وَلم تأت بِلَفْظِهِ إِذْ الْمَعْنى هُوَ الْمَطْلُوب وَلَا سِيمَا مَعَ تقادم السماع وَعدم ضَبطهَا بِالْكِتَابَةِ والاتكال على الْحِفْظ وَالضَّابِط مِنْهُم من ضبط الْمَعْنى وَأما من ضبط اللَّفْظ فبعيد جدا لَا سِيمَا فِي الْأَحَادِيث الطوَال وَقد قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ إِن قلت لكم إِنِّي أحدثكُم كَمَا سَمِعت فَلَا تصدقوني إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنى وَمن نظر فِي الحَدِيث أدنى نظر علم الْعلم الْيَقِين أَنهم إِنَّمَا يروون بِالْمَعْنَى الْأَمر الثَّانِي أَنه وَقع اللّحن كثيرا فِيمَا رُوِيَ من الحَدِيث لِأَن كثيرا من الروَاة كَانُوا غير عرب بالطبع وَلَا يعلمُونَ لِسَان الْعَرَب بصناعة النَّحْو فَوَقع اللّحن فِي كَلَامهم وهم لَا يعلمُونَ وَدخل فِي كَلَامهم وروايتهم غير الفصيح من لِسَان الْعَرَب ونعلم قطعا من غير شكّ أَن رَسُول الله
كَانَ أفْصح الْعَرَب فَلم يكن يتَكَلَّم إِلَّا بأفصح اللُّغَات وَأحسن التراكيب وأشهرها وأجزلها وَإِذا تكلم
1 / 11