Söylem ve Toplumsal Değişim
الخطاب والتغير الاجتماعي
Türler
والميتاخطاب يعني ضمنا أن المتكلم يقف فوق خطابه أو خارجه، وأنه في موقف يتيح له أن يتحكم فيه أو يتلاعب به. وتترتب على هذا دلالات طريفة للعلاقة بين الخطاب وبين الهوية (الذاتية)؛ إذ يبدو أنه يعارض الرأي القائل بأن الهوية الاجتماعية للمرء تعتمد على الموقع الذي يشغله في أنماط خاصة من الخطاب. ولهذه القضية جانبان. فمن ناحية معينة نرى أن المسافة الميتاخطابية التي تفصل بين المرء وبين خطابه الخاص يمكن أن تؤيد الوهم الذي يقول: إن المرء دائما يسيطر سيطرة كاملة عليه، وإن خطاب المرء ثمرة من ثمار ذاتيته لا العكس. ومن الطريف في هذا الصدد أن الميتاخطاب يبدو شائعا في أنماط الخطاب التي يستفيد فيها المرء من إظهار سيطرته على خطابه، كما يحدث في النقد الأدبي أو في الأشكال الأخرى للتحليل الأكاديمي في العلوم الإنسانية. وفي مقابل ذلك أقول: إنني أؤكد النظرة الجدلية إلى العلاقة بين الخطاب والذاتية: فالذوات قائمون إلى حد ما داخل الخطاب ويكونهم الخطاب إلى حد ما أيضا، ولكنهم مع ذلك يشتبكون في ممارسات تطعن في الأبنية الخطابية (نظم الخطاب) التي تقيمهم في هذه المواقع وتعيد هيكلتها. ويتضمن ذلك حالات إعادة الهيكلة القائمة على دوافع من الاعتبارات الجدلية والأهداف التلاعبية؛ فما الشروح التي قدمها الوزير عاليه إلا «هندسة دلالية» (ليتش، 1981م، 48-52). فالذي قد يبدو باعتباره إيضاحا بريئا لمعنى «الهمة» يمكن تفسيره باعتباره تعريفا ذا دافع سياسي وأيديولوجي (للمزيد من المناقشة ارجع إلى فيركلف، 1990م، أ، والفصل السادس أدناه).
السخرية
تدور الأوصاف التقليدية للسخرية حول «قول شيء ليعني شيئا آخر»، ومثل هذا الشرح محدود النفع؛ لأن ما يفتقده هو الطبيعة التناصية للسخرية؛ أي إن القول الساخر «يرجع صدى» قول شخص آخر (سبيربر وويلسون، 1986م، 237-243). فلنفترض على سبيل المثال أنك قلت «الجو اليوم صحو يصلح للنزهة وتناول الطعام في الخلاء»، ومن ثم نخرج للنزهة وتسقط الأمطار فأقول: «الجو صحو يصلح للنزهة». وهنا يصبح قولي ساخرا لأنه يرجع صدى قولك، ولكن التفاوت قائم بين المعنى الذي أعبر عنه، إذا صح هذا التعبير، بترديد قولك، وبين الوظيفة الحقيقية لقولي وهو التعبير عن موقف سلبي من نوع ما إزاء قولك، أو حتى إزاءك أنت، سواء كان الغضب أو التهكم أو ما عداهما. ولنلاحظ أن السخرية تعتمد على قدرة المفسرين على إدراك أن معنى النص الذي يمثل الصدى ليس المعنى الذي قصده منتج النص. وقد يتوقف هذا الإدراك على عوامل مختلفة: مثل التفاوت الصارخ بين المعنى الظاهر وسياق الحال (وهو سقوط المطر في المثال السابق) أو على مفاتيح في نبرات صوت المتحدث أو في النص المكتوب (مثل وضع الألفاظ بين أقواس مربعة) أو على افتراضات المفسرين عن معتقدات أو قيم منتج النص (فعبارة «نحن واعون كل الوعي بالمنجزات الاقتصادية للشيوعية» سوف يدرك بسهولة أنها ساخرة من يقرءون بانتظام صحيفة الديلي تلغراف (اليمينية) في بريطانيا، أو إذا وردت في خطاب يلقيه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية).
التداخل الخطابي
سبق لي أن أكدت، بألفاظ مختلفة، في الفصل الثالث، مبدأ التداخل الخطابي (أو التناص التكويني) بأن قلت: إن نظم الخطاب تتمتع بالأولية على الأنماط المعينة للخطاب، وأن الأخيرة تتكون باعتبارها تجميعات لعناصر مختلفة من نظم الخطاب. كما قلت: إن مبدأ التداخل الخطابي يتحقق على مستويات مختلفة، منها: النظام المجتمعي للخطاب، والنظام المؤسسي للخطاب، ونمط الخطاب، بل وحتى العناصر التي تشكل أنماط الخطاب. كما إن استخدام نموذج الهيمنة يشير في الاتجاه نفسه، وهو ما يؤدي إلى صورة لنظم الخطاب باعتبارها توازنات مزعزعة، إذ تتكون من عناصر غير متجانسة داخليا، أو تناصية في تكوينها، وتتسم بحدود فاصلة يعاد ترسيمها باستمرار في غضون الفصل بين نظم الخطاب وإعادة ربطها في غمار الصراع على الهيمنة.
وأريد أن أتناول في هذا القسم قضية أنواع العناصر التي تجتمع لتكوين أنماط الخطاب. كنت قد أكدت تنوعها في المناقشة السابقة، والطابع المتغير لنطاقها: فهي تتراوح ما بين نظم تناوب الأدوار في الكلام إلى المفردات، والسيناريوهات الخاصة بالأنواع من أنباء الجرائم، ومجموعات أعراف التأدب، وهلم جرا. لكنه من الممكن تصنيف العناصر التي تشكل نظم الخطاب، وهي التي يمكن الربط بينها في أنماط الخطاب، بحيث ينشأ عدد صغير من الأنماط الرئيسية، وتتمثل خصائصها في مفردات خاصة ونظم لتناوب أدوار الكلام، وهلم جرا. المصطلحات المستخدمة على نطاق واسع لهذه الأنماط ما يلي: «النوع»، «الأسلوب»، و«النطاق الدلالي»، و«الخطاب». وهكذا يمكن للمرء أن يتحدث عن «نوع المقابلة الشخصية»، أو «أسلوب المحادثة»، أو «النطاق الدلالي لكتب الطهي» أو «الخطاب الطبي العلمي».
ومن مزايا استخدام أمثال هذه المصطلحات أنها تمكننا من أن نتبين في تحليلاتنا الفوارق الرئيسية في النمط بين عناصر نظم الخطاب التي لولا هذه المصطلحات لغفلنا عنها، وبهذا تتضح لنا الجوانب التي تمثل الأعراف فيها قيودا على الممارسة الخطابية. كما أنه من الأيسر استخدام إطار تحليلي يتضمن عددا صغيرا من الفئات المحددة وذات الفوارق الواضحة، كما إن بعض المصطلحات يستخدمها علماء الاجتماع على نطاق واسع في تحليل الثقافة الشعبية على سبيل المثال (بينيت، ووولاكوت ، 1987م)؛ وهكذا فإن استخدامها في تحليل الخطاب يساعد في إيضاح قيمتها المنهجية لعلماء الاجتماع. ويصدق هذا على مصطلح «النوع» و«الخطاب» المستعملين في الإشارة إلى نمط معين من أنماط الأعراف (أي الإشارة إلى «خطاب» و«ضروب الخطاب») بدلا من الإشارة بصفة عامة إلى استعمال اللغة باعتباره شكلا من أشكال الممارسة الاجتماعية (وهو المعنى الذي استعملت المصطلح أساسا فيه حتى الآن، ولنذكر مناقشة مصطلح «الخطاب» في المقدمة)، ولكن لذلك بعض المثالب؛ إذ إن عناصر نظم الخطاب بالغة التنوع، وليس من اليسير دائما البت في أن ما يتعامل المرء معه نوع أم أسلوب أم خطاب أم شيء آخر. أي إن وضع إطار تحليلي يتسم بالجمود الشديد قد يؤدي إلى عدم رؤية تعقيدات الخطاب. وهكذا فإن علينا أن نلتزم بالحذر في استخدام هذه المصطلحات، مدركين أن كلا منها يشير بالضرورة إلى مجال متنوع وغير متجانس، وأنه سيصعب علينا في بعض الأحيان استخدامها بدوافع صحيحة، وربما اضطررنا إلى اللجوء إلى استعمال مصطلحات أشد غموضا مثل «نمط الخطاب» (وهو الذي كنت أستخدمه حتى الآن في الإشارة إلى أي نمط من أنماط الأعراف). وعلينا أن ندرك أيضا استحالة وجود قائمة محددة من الأنواع أو الأساليب أو ضروب الخطاب، وأننا نواجه دائما ما يبدو لنا قرارات تعسفية إلى حد ما (وفق نقطة انطلاقنا في التحليل) حول كون النص مثالا منفصلا لأحد هذه الأنماط أم لا.
فلننتقل الآن إلى مناقشة الأنماط، واضعين هذه الشروط نصب أعيننا. فأما المصطلحات التي سوف أستخدمها فهي «النوع»، و«نمط النشاط»، و«الأسلوب»، و«الخطاب»، وعلى الرغم من أن أنماط هذه العناصر تتمتع باستقلال معين عن بعضها البعض، فإنها ليست متكافئة على وجه الدقة. «فالنوع»، خصوصا، يشمل الأنماط الأخرى، بمعنى أن الأنواع تتفق اتفاقا وثيقا مع أنماط الممارسة الاجتماعية الأخرى (انظر أدناه) ونظام الأنواع الذي ينشأ في مجتمع معين وفي وقت معين يحدد التكوينات والتشكيلات من الأنماط الأخرى التي تقع فيه. أضف إلى ذلك أن الأنماط الأخرى تختلف في درجة استقلالها إزاء النوع، أي في مدى قابليتها للاشتباك الحر مع مختلف الأنواع ومع أنماط العناصر الأخرى. وترتيبها من حيث الأقل استقلالا إلى الأكثر استقلالا هو: نمط النشاط، فالأسلوب فالخطاب. ويهمنا بصفة خاصة، من منظور هذا الكتاب، التغير في نظام الأنواع وتأثيره في تشكيلات العناصر الأخرى. ومع ذلك، فإن أحد نقاط مفهوم النوع الذي أتبناه هنا (وهو باختيني في جوهره) أنه يسمح لنا أن نحدد الأوزان الصحيحة للقيود التي تفرضها الأعراف على الممارسة الاجتماعية، وإمكانية التغيير والطاقة الخلاقة.
وسوف أستعمل مصطلح «النوع» في الإشارة إلى مجموعة أعراف تتمتع نسبيا بالاستقرار وترتبط بنمط من أنماط النشاط المعترف به اجتماعيا، وتجسده إلى حد ما، مثل «الدردشة» غير الرسمية، أو شراء بضائع من دكان ما، أو مقابلة شخصية للحصول على وظيفة، أو فيلم تليفزيوني وثائقي، أو قصيدة، أو مقال علمي. و«النوع» لا يشير ضمنا إلى نمط نصي معين وحسب، ولكنه يشير أيضا إلى عمليات معينة لإنتاج النصوص وتوزيعها واستهلاكها. فعلى سبيل المثال، لا يعتبر المقال الصحفي والقصيدة في العادة نصين يختلفان اختلافا شاسعا وحسب، بل إنهما يختلفان اختلافا بينا في طرائق إنتاجهما (فالأول مثلا منتج جماعي، والثاني منتج فردي) ويختلفان تماما في طرائق توزيعهما، وفي استهلاكهما؛ إذ يتضمن الأخير نظما مختلفة للقراءة والتفسير. وهكذا فإن النوع يتجاوز التمييز بين «الوصف» و«التفسير» الذي قدمته في الفصل الثالث.
وتعتبر الأنواع، طبقا لباختين (1986م، 65) «أدوات الانتقال من تاريخ المجتمع إلى تاريخ اللغة»؛ أي إن التغييرات في الممارسة الاجتماعية تتجلى على مستوى اللغة في جوانب التغيير في نظام الأنواع، وهي إلى حد ما من نتائجها. وأنا أطبق هنا، في إشارتي إلى نظام الأنواع، مبدأ أولوية نظم الخطاب الذي قدمته في الفصل الثالث؛ أي إن أي مجتمع، أو مؤسسة معينة أو مجال معين في هذا المجتمع، لديه تشكيل خاص للأنواع، وهو التشكيل الذي يظهر في العلاقات الخاصة بينها، ويشكل بذلك نظاما معينا. ويقبل التغيير، بطبيعة الحال، كل من النظام والتشكيل المذكورين.
Bilinmeyen sayfa