Söylem ve Toplumsal Değişim
الخطاب والتغير الاجتماعي
Türler
وأمثال هذه الأوصاف التي نجدها في «كتب النحو» عادة ما تغفل الطابع المركب لما يحدث فعلا في النصوص. فلنركز على العناوين. العنوان الرئيسي يقول («استدعوا القوات في معركة المخدرات!») وليس فيه علامات شكلية للتمثيل الخطابي - لا علامات تنصيص ولا عبارة تنسب الكلام إلى راوية - ومع ذلك فهي جملة تقوم على فعل أمر، من الزاوية النحوية، وعلامة التعجب تدل على أن لنا أن نفهمها باعتبارها طلبا معينا. لا يوجد هنا أي شيء صوري ينفي أن هذا صوت صحيفة «ذا صن»
نفسها، ولكن التقاليد تقضي بأن مقالات الصحف تنقل مطالب الآخرين، ولا تقدم طلباتها الخاصة (إلا في الافتتاحية) وهو ما يوحي بأن هذا العنوان شكل خاص للتمثيل الخطابي، على الرغم من كل شيء. ومن ناحية أخرى نرى أن التمييز بين «النقل» (أو الإبلاغ أو الإخبار أو الرواية عن مصدر) وبين «الرأي» في الصحافة الشعبية أقل وضوحا مما يبينه هذا العنوان، وهكذا فربما يكون هذا صوت الصحيفة فعلا. ومع ذلك ففي الفقرة الافتتاحية من الخبر ينسب الطلب الوارد في العنوان إلى أعضاء البرلمان. وهكذا نواجه التباسا في الصوت، ما دمنا نجد أن العنوان يتسم بغموض في شكله النحوي مما يجعله ذا «صوت مزدوج» (باختين، 1981م). ويبدو أن الصحيفة هنا تمزج بين صوت الوثيقة الصادرة عن دار المطبوعات الحكومية وبين صوتها الخاص. ويؤيد هذا الاستنتاج العنوان الفرعي السابق الذي يقول («أعضاء البرلمان يحذرون: بريطانيا تواجه حربا لمنع ترويج المخدرات») وفي هذا الحال يصبح لدينا «جملة رواية» أي جملة تنسب القول إلى قائله، ولكنها تقع في الخلفية ما دامت تعقب الجملة المروية، وهذه الأخيرة تفتقر أيضا إلى علامات تنصيص على الرغم من أنها خطاب مباشر. وهذه الخصائص الشكلية تسهم أيضا في التباس الصوت.
ولنقارن بعد ذلك بين هذه العناوين والفقرة الافتتاحية بالأصل الوارد في وثيقة دار المطبوعات الحكومية:
ينبغي أن تنظر الحكومة في استخدام سلاح البحرية وسلاح الطيران في القيام بواجبات الاستطلاع الجوي وبالرادار وفي عرض البحر. ومن ثم فنحن نوصي بتكثيف إنفاذ القوانين ضد تجار المخدرات، من جانب الجمارك والشرطة والأجهزة الأمنية، وربما القوات المسلحة.
وعندما مزجت الصحيفة بين صوت الوثيقة وبين صوتها، قامت بترجمة الصوت الأول إلى ألفاظ الصوت الأخير. وتتعلق المسألة في جانب منها بالمفردات، فالوثيقة لا تستخدم كلمات مثل «استدعوا»، أو «معركة» أو «قتال» أو «هائل»، أو «غزو»، أو «مهربي المخدرات» أو «مروجيها». والقضية قضية استعارة أيضا؛ إذ تلتقط الصحيفة الاستعارة التي تعتبر التعامل مع تجار المخدرات بمثابة خوض حرب ما - وهي التي تستخدم في الوثيقة مرة واحدة - وتنقل صوت الوثيقة إلى إطارها الخاص. والعنوان يتضمن تطويرا لهذه الاستعارة بصورة لا نجدها إطلاقا في الوثيقة، ألا وهو فكرة التعبئة («استدعوا») للقوات المسلحة، ويصدق الشيء نفسه على اعتبار تهريب المخدرات «غزوا». والمسألة تتعلق أخيرا، أيضا، بترجمة التوصيات الحذرة في التقرير إلى مجموعة «مطالب».
وإذن، فإن ما نجده في التمثيل الخطابي لصحيفة «ذا صن»
هو (1) غموض الشكل اللغوي، وهو ما يعني أننا كثيرا ما لا يتضح لنا إن كان شيء ما يعتبر خطابا تمثيليا أم لا (ومن الأمثلة الأخرى الفقرتان اللتان تسبق إحداهما العنوان الفرعي «أرباح» مباشرة، وتتلوه الأخرى مباشرة أيضا)، و(2) مزج صوت الصحيفة بصوت الوثيقة المشار إليها، وهو ما يعني أن الصحيفة تقدم التوصيات الواردة في الوثيقة كأنما كانت توصيات الصحيفة، ولكنها في الوقت نفسه تترجم الوثيقة إلى لغتها الخاصة.
ولكن هل هذه «لغتها الخاصة» حقا؟ إن عملية الترجمة اقتضت بعض التحولات من المصطلح المشروع للغة المكتوبة في اتجاه مفردات اللغة المنطوقة («فتجار المخدرات» أصبحوا «مروجين» لها، و«القوات» تستخدم من دون وصفها بالمسلحة) ومن المونولوج الكتابي (الكلام على لسان شخص واحد) إلى حوار المحادثات (فالمطلب الوارد في العنوان يوحي بالحوار ضمنا) واستثمار الاستعارة (التعبئة من أجل الحرب) ذات الأصداء في الخبرة الشعبية والأساطير؛ أي إن التحول، باختصار، تحول من الوثيقة الرسمية إلى الكلام الشائع، أو بالأحرى إلى «تصور الصحيفة الخاص للغة الجمهور الذي تخاطبه أساسا» (هول، وآخرون، 1978م، 61). ويرتبط هذا بميل موردي الأخبار إلى القيام بدور «الوسطاء»، أي الأشخاص الذين «ينمون» خصائص تعتبر مميزة للجمهور «المستهدف»، وعلاقة تضامن مع ذلك الجمهور المفترض، والذين يستطيعون أن ينقلوا أنباء أحداث جديرة بالمعرفة إلى الجمهور ب «المنطق السليم» لذلك الجمهور، أو بصورة نمطية منه (هارتلي، 1982م، 87).
وقد بدأت أجهزة الإعلام بصفة عامة، في الآونة الأخيرة، التحول إلى هذا الاتجاه، وعلينا أن ننظر في سبب ذلك. فعلى أحد المستويات نجد فيه انعكاسا لما يوصف بأنه بعد مهم من أبعاد النزعة الاستهلاكية، أي انتقال السلطة، أو انتقالها ظاهريا، من المنتج إلى المستهلك. فأجهزة الإعلام تعمل في سوق تنافسية تقتضي اجتذاب القراء والمشاهدين والمستمعين في سياق سوقي تعتبر مبيعاتها أو مراتبها فيها عوامل حاسمة من أجل البقاء. ويمكن تفسير الاتجاهات اللغوية التي أشرت إليها بأنها مظهر تحقيق واحد للاتجاه الأعم والأشمل عند المنتجين لتسويق سلعهم بطرائق تحقق لهم الحد الأقصى من التواؤم مع أساليب حياة المستهلكين وما يطمحون إليه من أساليب الحياة (وإن كنت أود أن أضيف أنهم يعملون على بناء الناس باعتبارهم مستهلكين وأساليب الحياة التي يطمحون إليها).
ومع ذلك فالعملية أشد تعقيدا من ذلك. فالأحداث الجديرة بمكانة الأخبار تنشأ عند مجموعة من الأشخاص المرتبطين بأجهزة الإعلام والمتمتعين بمزية القدرة على الاتصال بها، والذين يعاملهم الصحفيون باعتبارهم مصادر موثوقا بها، والذين يمثل الخطاب الإعلامي أصواتهم على أوسع نطاق ممكن، وهذه الأصوات الخارجية يغلب إيضاحها وتحديدها بصراحة في بعض أجهزة الإعلام، وهي مسألة أعود إليها أدناه، ولكن عندما تترجم أقوالهم إلى صورة الصحيفة للغة الشائعة، كما هو الحال في هذا المثال، فإن التعمية تنشأ حول حقيقة الذين تمثل الصحيفة أصواتهم ومواقعهم. فإذا حدث أن اتخذ تمثيل أصوات أصحاب السلطة من الأفراد والجماعات في السياسة والصناعة ... إلخ، بصورة اللغة اليومية (ولو بلغة محاكاة وغير حقيقية في جانب منها) فسوف تنهار الهويات والعلاقات والمسافات الاجتماعية؛ إذ إن تمثيل كلام أصحاب السلطة بلغة من الممكن أن يستعملها القراء أنفسهم يسهل عليهم قبول معانيهم؛ أي إن لنا أن نعتبر أن أجهزة الإعلام تقوم بعمل أيديولوجي، وهو نقل أصوات السلطة بصورة متنكرة خفية.
Bilinmeyen sayfa