Söylem ve Toplumsal Değişim
الخطاب والتغير الاجتماعي
Türler
ومن الممكن ربط هذه الملاحظات الخاصة بالوعي بالقضايا المتعلقة ب «مساءلة» الذوات. والحال المثالية فيما يعرضه ألتوسير هي حال الذات التي تكتنف الأيديولوجيا موقعه ولكنها تخفي أفعالها ونتائجها، وتمنح الذات استقلالا موهوما. ويوحي هذا بوجود أعراف خطابية تصطبغ بصبغة طبيعية إلى أقصى حد، ولكن الناس في الواقع يخضعون للأيديولوجيا بطرائق مختلفة ومتناقضة، وهو ما يبدأ في إثارة الشكوك في الحال المثالية. فإذا كان الخضوع متناقضا، بمعنى أن يكون الشخص العامل في إطار مؤسسي واحد ومجموعة واحدة من الممارسات خاضعا ل «المساءلة» من مواقع متنوعة وتتجاذبه قوى في اتجاهات مختلفة - إن صح هذا التعبير - فقد يتعذر الحفاظ على التطبيع. ومن المحتمل أن يتجلى تناقض «المساءلة» على مستوى الخبرة العملية فيما يصيب المرء من تشوش وقلق وما يراه في الأعراف من إشكاليات (انظر «التغير الخطابي» أدناه). وهذه هي الظروف التي من المرجح أن ينشأ فيها الوعي و«الممارسة التحويلية» كذلك.
وهكذا فإن تناول ألتوسير لمسألة الذات يبالغ في تصوير دور الأيديولوجيا في تكوين الذوات وبالتالي يقلل من قدرة الذوات على العمل الفردي والجماعي باعتبارهم قوى إيجابية، بما في ذلك المشاركة في البحوث النقدية للممارسات الأيديولوجية ومعارضتها (ارجع إلى تحفظاتي على فوكوه في هذا الصدد في الفصل السابق). ومن المهم هنا أيضا أن نتخذ الموقف الجدلي الذي سبق أن دعوت إليه، فالذوات في مواقع أيديولوجية، ولكنها أيضا تتمتع بالقدرة على العمل الخلاق لإقامة روابطها الخاصة بين الممارسات والأيديولوجيات المنوعة التي تتعرض لها، وعلى إعادة هيكلة الممارسات والأبنية التي تحدد المواقع. والتوازن بين الذات باعتبارها «ناتجا» أيديولوجيا وبين الذات باعتبارها عاملا فعالا، من المتغيرات التي تعتمد على الأحوال الاجتماعية، مثل الاستقرار النسبي لعلاقات السيطرة.
هل جميع ضروب الخطاب أيديولوجية؟ لقد ذكرت أن الممارسات الخطابية تكتسب صبغة أيديولوجية في حدود ما تتضمنه من معان تسهم في الحفاظ على علاقات السلطة أو إعادة بنائها. وقد تتأثر علاقات السلطة، من ناحية المبدأ، بالممارسات الخطابية من أي نمط، حتى العلمي والنظري منها. وهذا يمنع التعارض القاطع بين الأيديولوجيا وبين العلم أو النظرية، وهو ما قال به بعض من كتب عن اللغة/الأيديولوجيا (زيما، 1981م؛ بيشوه، 1982م)، ولكن ذلك لا يعني أن جميع ضروب الخطاب أيديولوجية، ولا يمكن تخليصها من الأيديولوجيا. فالأيديولوجيات تنشأ في مجتمعات تتسم بعلاقة الهيمنة استنادا إلى الطبقة، أو التمييز بين الجنسين أو بين الجماعات الثقافية وهلم جرا، وما دام البشر قادرين على تجاوز أمثال هذه المجتمعات، فإنهم قادرون على تجاوز الأيديولوجيا. ومن ثم فأنا لا أقبل رأي ألتوسير (1971م) عن «الأيديولوجيا عموما» باعتبارها الملاط الاجتماعي الذي لا ينفصل عن المجتمع نفسه. أضف إلى ذلك أنه إذا كانت جميع أنماط الخطاب في مجتمعنا، يمكنها أن تصطبغ بصبغة أيديولوجية من ناحية المبدأ، وفي الواقع أيضا إلى حد ما، ودون أي شك، فإن ذلك لا يعني أن جميع أنماط الخطاب ذات صبغة أيديولوجية واحدة، فليس من العسير إثبات أن الإعلانات بصفة عامة ذات صبغة أيديولوجية أكبر من العلوم الطبيعية.
الهيمنة
يمثل مفهوم الهيمنة عماد تحليل جرامشي للرأسمالية الغربية والاستراتيجية الثورية في أوروبا الغربية (جرامشي، 1971م؛ بوسي، جلوكمان، 1980م) وهو متناغم مع مفهوم الخطاب الذي أدعو إليه ، ويقدم صورة نظرية للتغيير فيما يتعلق بتطور علاقات السلطة بحيث يسمح بالتركيز بصفة خاصة على التغيير الخطابي، ولكنه يتيح لنا في الوقت نفسه أن نرى كيف يسهم في عمليات التغيير الأوسع نطاقا، وكيف تشكله هذه العمليات في الوقت نفسه.
والهيمنة تعني الزعامة أو القيادة، مثلما تعني السيطرة في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والأيديولوجية في مجتمع من المجتمعات. والهيمنة خضوع المجتمع كله لسلطة إحدى الطبقات الأساسية وفق التعريف الاقتصادي، بالتحالف مع القوى الاجتماعية الأخرى، غير أنها لا تتحقق أبدا إلا بصورة جزئية ومؤقتة، باعتبارها «توازنا غير مستقر». وقضية الهيمنة قضية بناء تحالفات، والتكامل مع الطبقات الثانوية لا السيطرة عليها وحسب، إما من خلال تقديم بعض التنازلات لها، وإما بوسائل أيديولوجية، من أجل الحصول على رضاها. والهيمنة بؤرة لصراع دائم حول المسائل المتسمة بأقصى درجة من عدم الاستقرار بين الطبقات والكتل، في سبيل بناء تحالفات وعلاقات سيطرة/تبعية أو الحفاظ عليها أو كسرها، متخذة أشكالا اقتصادية وسياسية وأيديولوجية. والصراع على الهيمنة يقع على جبهة عريضة، تتضمن مؤسسات المجتمع المدني (التعليم والنقابات والأسرة) مع التفاوت المحتمل بين المستويات والمجالات المختلفة.
ومفهوم الأيديولوجيا في هذا الإطار يستبق كل ما أتى به ألتوسير (بوسي، جلوكسمان، 1980م، 66)، إذ إنه يركز، مثلا، على التجسيد المضمر واللاواعي للأيديولوجيات في الممارسات (التي تتضمنها باعتبارها «مبادئ» نظرية مضمرة)، وحيث تعتبر الأيديولوجيا «تصورا للعالم لا يبدو إلا مضمرا في الفن وفي القانون وفي النشاط الاقتصادي وفي تجليات الحياة الفردية والجماعية» (جرامشي، 1971م، 328). وإذا كانت فكرة «مساءلة» الذوات تمثل جانبا من التفاصيل التي أتى بها ألتوسير، فإننا نجد في جرامشي تصورا للذوات باعتبارها أبنية أقامتها أيديولوجيات منوعة مضمرة في الممارسات، وهو ما يمنحها طابعا «تركيبيا غريبا» (1971م، 324)، وكذلك تصور «المنطق السليم» باعتباره مستودعا للنواتج المنوعة للصراعات الأيديولوجية في الماضي، وهدفا دائما لإعادة البناء في الصراعات الراهنة. وفي إطار «المنطق السليم» تكتسب الأيديولوجيات الصفة الطبيعية أو التلقائية. أضف إلى ذلك أن جرامشي كان يرى «مجال الأيديولوجيات في صورة تيارات تشكيلات متضاربة أو متداخلة أو متقاطعة » (هول، 1988م، 55-56) وهو ما كان يشير إليه بتعبير «المركب الأيديولوجي» (جرامشي، 1971م، 195). ويعني هذا أن ينصب التركيز على العمليات التي تبنى بها المركبات الأيديولوجية، ويعاد بناؤها، وتتعرض للربط بينها، وإعادة ربطها (توجد مناقشة مهمة للهيمنة والربط في لاكلاو وموف (1985م) وهي تمثل سابقة لتطبيقي هذه المفاهيم على الخطاب، وإن كانت تخلو من تحليل نصوص فعلية، وهو ما أراه جوهريا لتحليل الخطاب).
ومثل هذا التصور للصراع على الهيمنة القائم على ربط العناصر، والفصل بينها، وإعادة ربطها، يتفق مع ما سبق أن قلته عن الخطاب، مثل النظرة الجدلية للعلاقة بين الأبنية الخطابية والأحداث؛ ورؤية الأبنية الخطابية باعتبارها نظما للخطاب تتخذ صورة تجمعات للعناصر غير المستقرة إلى حد ما؛ واتخاذ رؤية للنصوص تركز على تناصها وكيف ترتبط بنصوص وأعراف سابقة وتفصح عنها. ويمكن النظر إلى أحد نظم الخطاب باعتباره الواجهة الخطابية للتوازن المتناقض وغير المستقر الذي يشكل الهيمنة، وإلى الربط وإعادة الربط عنها في نظم الخطاب باعتباره إحدى «الغنائم» في الصراع على الهيمنة. أضف إلى ذلك أن الممارسة الخطابية، وإنتاج النصوص وتوزيعها واستهلاكها (بما في ذلك تفسيرها) يعتبر واجهة للصراع على الهيمنة الذي يسهم بدرجات متفاوتة في إعادة إنتاج نظام الخطاب القائم أو تغييره (كأن يكون ذلك مثلا من خلال الربط ما بين النصوص والأعراف السابقة في إنتاج النصوص) وأيضا من خلال العلاقات الاجتماعية وعلاقات السلطة القائمة.
فلنضرب مثالا من الخطاب السياسي للسيدة ثاتشر (رئيسة وزراء بريطانيا السابقة)، نستطيع تفسيره باعتباره إعادة ربط داخل النظام القائم للخطاب السياسي، ما دام يربط أو يجمع بين ضروب الخطاب التقليدية المحافظة، والليبرالية الجديدة، والشعبية، في مزيج جديد، كما كان يشكل خطاب سلطة سياسية لم يسبق له مثيل من جانب امرأة في موقع الزعامة. وإعادة الربط الخطابية تجسد مشروع هيمنة يرمي إلى تكوين قاعدة وبرنامج عمل سياسيين جديدين، ويعتبر في ذاته واجهة للمشروع السياسي الأكبر الرامي إلى إعادة هيمنة الكتلة المرتكزة على البرجوازية في ظروف اقتصادية وسياسية جديدة. ويبين وصف خطاب ثاتشر على هذا النحو من جانب هول (1988م) وفيركلف (1989م، أ ) كيف يمكن إجراء تحليل استنادا إلى مفهوم للخطاب يشبه المفهوم الذي عرضته عاليه، وبمنهج يفسر المعالم الخاصة للغة النصوص السياسية عند ثاتشر (وهو ما لا يفعله هول). وينبغي أن أضيف أن نظام الخطاب الذي يتضمن إعادة الربط المذكور يتسم بالتناقض، إذ تتعايش فيه العناصر السلطوية مع العناصر الديمقراطية وعناصر المساواة (فعلى سبيل المثال نجد أن ضمير الجمع للمتكلم (نحن) الذي يوحي ضمنا بأن المتحدث يتكلم باسم الناس العاديين، يتعايش مع ضمير المخاطب النكرة (أي الذي يعني «المرء») في عبارة مثل «أفلا تشعر بالضيق من استمرار هطول المطر؟») وأن عناصر الموقف الأبوي تختلط بعناصر الموقف النسوي. أضف إلى ذلك أن إعادة الربط بين نظم الخطاب لا تتحقق في الممارسة الخطابية المنتجة فقط، ولكن أيضا في التفسير؛ إذ إن إدراك معنى نصوص ثاتشر يقتضي وجود مفسرين قادرين على إقامة الصلات الكفيلة بترابط المعنى بين هذه العناصر غير المتجانسة، ويتمثل جانب من جوانب مشروع الهيمنة في تكوين ذوات المفسرين الذين تبدو لهم أمثال هذه الصلات طبيعية وتلقائية.
وعلى أية حال فإن معظم ضروب الخطاب تتعلق بالصراع على الهيمنة في مؤسسات معينة (كالأسرة، والمدارس، والمحاكم ... إلخ) لا على مستوى السياسة القومية؛ فالأبطال (إن صح هذا التعبير) ليسوا طبقات أو قوى سياسية ترتبط بطرائق مباشرة نسبيا بالطبقات والكتل، بل معلمون وتلاميذ، أو رجال الشرطة والجمهور، أو النساء والرجال. والهيمنة تقدم أيضا نموذجا وإطارا في هذه الحالات. أما النموذج، في التعليم مثلا، فيبين كيف تمارس الجماعات المسيطرة فيما يبدو سلطتها من خلال تكوين أحلاف، وتحقيق التكامل مع المجموعات الثانوية، لا السيطرة عليها وحسب، والفوز برضاها، وتحقيق توازن قلق قد تقوضه مجموعات أخرى، وهي تحقق ذلك جزئيا من خلال الخطاب ومن خلال تكوين النظم المحلية للخطاب. وأما عن الإطار، فإن تحقيق الهيمنة على المستوى المجتمعي يتطلب درجة من التكامل بين المؤسسات المحلية شبه المستقلة وبين علاقات السلطة، حتى تتكون الأخيرة جزئيا من علاقات الهيمنة، وعندها يمكن تفسير الصراعات المحلية باعتبارها صراعات على السلطة. ويوجه هذا انتباهنا إلى الصلات فيما بين المؤسسات، وإلى الروابط والحركة بين نظم الخطاب المؤسسية (انظر الفصل السابع أدناه؛ حيث يوجد تحليل لضروب التغير التي تتجاوز نظم الخطاب المحددة).
Bilinmeyen sayfa