35

Disagreement of the Nation in Worship and the Doctrine of Ahl al-Sunnah wa'l-Jama'ah

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

Soruşturmacı

عثمان جمعة خيرية

Yayıncı

دار الفاروق

Yayın Yılı

1410 AH

Yayın Yeri

الطائف

ولهذا كان امتيازُ أهل النجاة عن أهل العذاب من هذه الأمة بالسنة والجماعة، ويذكرون في كثير من السنن والآثار في ذلك ما يطول ذكره، وكان الأصلُ الثالث بعد الكتاب والسنة الذي يجب تقديم العمل به وهو الإجماع، فإن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة. (١)

(١) لحديث ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) وقد روي هذا الحديث من طرق عن أبي مالك الأشعري، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وسمرة، وأبي نضرة، وأبي أمامة، وأبي مسعود، بألفاظ كثيرة، عند أبي داود، والترمذي، والحاكم، وابن أبي عاصم في ((السنة)).

قال الزركشي بعد أن ساق رواياته كلها وطرقه: ((واعلم أن طرق هذا الحديث كثيرة ولا تخلو من علة وإنما أوردت منها ذلك ليتقوى بعضها ببعض، ومن شواهده ما في الصحيحين عن أنس قال: مُرَّ على النبي ﷺ بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال: ((وجبت)) ثم مُرَّ بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: ((وجبت)) فقيل: يا رسول الله: لِم قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت؟ قال: ((شهادة القوم، والمؤمنون شهداء الله في الأرض)) وفي لفظ مسلم ((من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض ثلاثاً)).

انظر: ((المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر)) للإمام بدر الدين الزركشي صفحة (٥٧-٦٢) بتحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي.

وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي ((قامت الحجة على استحالة الخطأ على أمة محمد ﷺ، فهي أمة معصومة بنص كتاب الله تعالى وبنص السنة:

أما الكتاب: فهو قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس﴾ (البقرة: ١٤٣) وقوله: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾ (آل عمران: ١٠٢) وقوله: ﴿وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله﴾ (الشورى: ١٠) ومفهومه: أن ما اتفقتم فيه فهو حق.

وأما السنة: فهو قوله ﷺ ((لا تجتمع أمتي على خطأ)) فقد تظاهرت الرواية عن الرسول ﷺ بألفاظ مختلفة مع اتفاق المعنى في عصمة هذه الأمة من الخطأ، واشتهر على لسان المرموقين والثقات من الصحابة كعروة بن مسعود وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم - رضي الله عنهم - من نحو قوله ﷺ: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) و((لم يكن الله ليجمع أمتي على الضلالة)) و((سألت الله تعالى أن لا يجمع أمتي على الضلالة فأعطانيها)) و((من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم وإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)) وقوله ﷺ: ((يد الله على الجماعة ولا يبالي الله بشذوذ من شذ)) و((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يضرهم من خالفهم..)) وهذه الأخبار لم تزل ظاهرة في الصحابة والتابعين إلى زماننا هذا لم يدفعها أحد من أهل النقل من سلف الأمة وخلفها، بل هي مقبولة من موافقي الأمة ومخالفيها، ولم تزل الأمة تحتج بها في أصول الدين وفروعه.

فقد عظم رسول الله ﷺ شأن هذه الأمة وأخبر عن عصمتها عن الخطأ بمجموع هذه الأخبار المتفرقة وهذا يعطي علماً ضرورياً بصحة ذلك وبعصمة الأمة بمجموعها.

انظر: ((المستصفى)) للغزالي: (١٧٥/١-١٧٦).

وهذه العصمة للأمة تجعل إجماعها حجة شرعية لأن الله تعالى قد أمر بلزوم الجماعة المعصومة: قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه ((الرسالة)) ص (٤٧٥-٤٧٦) لمن سأله: ما معنى أمر النبي بلزوم الجماعة التي جعلها الشافعي دليلاً على حجية الإجماع؟ قال: لا معنى له إلا واحد، إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم أبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى، لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئاً، فلم يكن للزوم جماعتهم معنىٍّ إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما. =

35