Hayal Düşünceleri ve Duygunun Yazımı
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Türler
ما كنت أستطيع أن أوجه طرفي لغير المعلم، وما كنت أرى غير لحيته التي أشعلها الشيب وهيئته التي تدل على عدم الاكتراث، وكانت له وسادتان إحداهما يضعها تحت جلد الشاة والثانية خلف ظهره، وكان يرى طابع ظهره فوق الحائط.
تربع على تلك الحال أمامنا بين مقرعته الطويلة وصندوقه الصغير الذي يضم أقلامه؛ حتى أضحى يخيل إلي أنه هو وقاعة الكتاب المرتفعة العارية الكئيبة وحدة لا تتجزأ، حتى إن ضوء الشمس الذي كان يفترش الجدار أمام المدخل ظهر لي كأنه يخالف مثيله في الطريق، وقد ساد الانسجام بين هذه الشمس الباردة المحزنة المحدودة الشكل والتي لا يتأتى تجنبها وبين شخص سيدنا.
بلغ عدد الصبيان الأربعين على الأقل، وكل منا يحفظ درسا مخالفا للآخر، وكنت لا أفهم شيئا من السور المقدسة تقريبا، وفي ظرف ساعة كان سيدنا يدعونا مشيرا إلينا بطرف مقرعته لنسمع دروسنا، وكنا نذهب إليه كل بدوره ولوحه تحت إبطه، فمن حفظ درسه أمره سيدنا بمحوه وكتابة درس جديد غيره، ومن لم يحفظه عاد إلى مذاكرته ويفوته الدرس.
وكان يعهد بصغار الصبية إلى من هو أكبر منهم سنا ليراقب نسخ القرآن في الألواح، وكان هذا العمل يشغل التلاميذ لغاية الظهر.
وكان أغلب التلاميذ لا يتناولون غذاءهم في بيوتهم، وكنا نأكل خبزنا وجبننا على درجات سلم المسجد، وكانت بائعة عجوز تبيع لنا قصب السكر والفجل والحمص الأخضر «الملانة»، وكانت رائحة الطعمية فوق المقلاة تعم الطريق وتحرض شهوة الطعام، كان من المتيسر شراء أنواع الفطائر والكعك والحلوى الملونة بمختلف الألوان، ولكن الغلمان فقراء، إذ كانوا يؤمون الكتاب حفاة ممزقي الثياب وعلى رءوسهم قلانس قذرة، وكثير منهم يقنع بخبزه بغير إدام.
كانت فكرة العود إلى الكتاب كافية لتنغيص ساعة الحرية هذه، فكنت أنظر بحزن إلى الموضع الصغير الذي كانت تهب فيه الرياح السافيات، وكان الجزء الذي كسته الشمس لا يمر به إلا ظل الحدأ المتقطع والتي كانت تحلق في الجو فوق رءوسنا.
وفي بعض الأيام كان القيظ يلفح وجوهنا كالنيران، فكنت أشعر أنني في حاجة إلى السكوت والسكون وتبديل مكاني كل خمس دقائق، وكان يخيل إلي أن النهار شديد أبيض يعمي الأبصار؛ لأن الحرارة كانت عمودية شديدة كأنها القضاء الساحق، وكانت الغرفة بشكل واحد لا يتغير تنقبض منه النفوس والأبدان.
عدنا إلى الكتاب ملبين نداء العريف، وأول تأثير يجول بخاطري ما أجده في الكتاب من الظل والنسيم البارد المحبوب، ولكن سرعان ما يتبدل؛ إذ كنت بعد خمس دقائق آسف على الهواء المحرق الخارجي.
صاح سيدنا قائلا: أحذركم من القراءة بأصوات منخفضة.
فلا تلبث الظهور أن تعود إلى حركتها من الاهتزاز وتعود الحياة إلى الكتاب فيضحي كأنه آلة عظيمة الجلبة، وكانت تميز وسط هذا اللغط المزعج أصوات متباينة.
Bilinmeyen sayfa