وذعرت لأن هذا الذي سمعناه من السيد الوزير يرجح لدينا ما نسمعه عن هيئات أخرى لا يسأل القائمون عليها عما يفعلون، وأقرب مثل إلى ذهني الآن جهاز الاتحاد التعاوني، فقد سمعنا مما سمعنا أن ميزانيته حصيلة ضريبة مفروضة على الفلاحين يدفعونها دون أن يعلموا وهم يتعاملون مع بنك التسليف، وسمعنا فيما سمعنا أن الجهاز يضم بين من يضم من موظفيه عشرات قد تبلغ المائة من أعضاء مجلس الشعب، وسمعنا الكثير، ترى هل هذا الجهاز أيضا لا يتبع وزيرا مسئولا، وإن كان يتبع أليس بين النواب غير المعينين به من يبحث في شأنه؟ وهل نأمل قبل كل شيء أن نعرف الوظيفة الأساسية التي يقوم بها الجهاز لصالح الفلاحين؟ وهل تستحق أن يدفع لها الفلاحون من اللحم الحي ضريبة علم الله أنهم في أشد الحاجة إليها.
وبعد، فمعاذ الله أن أتهم بما ليس لي به علم ... إنما أنا أسأل ... فهل من جواب؟
تعليق على تعليق
جاءني خطاب من السيد مستشار اللغة العربية يعلق به - وكلمة التعليق اخترتها لأكون أنا مؤدبا كما أحب أن أكون - على الكلمة التي كتبتها عن كتاب شوقي وحافظ، والأستاذ يصحح لي الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه ذاكرا أن الكتاب اسمه حافظ وشوقي، لا شوقي وحافظ كما ذكرت أنا! ولعل الأستاذ المستشار لو عاد إلى الكلمة لوجدني لم أذكر عنوان الكتاب، وإنما قلت أنه كتاب شوقي وحافظ، ولم أقصد نص العنوان ، ومع ذلك فأنا معترف بالخطأ ومعتذر عنه.
ثم يقول الأستاذ المستشار: «إنما الأساس - فيما يقرر على الطلبة - إتاحة الفرصة لتنمية ذاتية الطالب، وتدريبه على أن يتذوق ويحكم بنفسه، والمدرس لينمي قدرات الطلاب بفتح مواهبهم دون أن يتحكم في أذواقهم، فلكل منهما أن يتدبر ما قيل عن شوقي، ويقف منه كما يشاء، مؤيدا أو معارضا، على أن يبرر نظرته بما يدعمها».
والحقيقة أنني لم أكن أدري أن المدرس حين يهاجم - في كتاب مطبوع - نصا ما هجوما عنيفا في غير ذوق، ولا فنية، ولا شعور بجمال الإيحاء الكلي للقصيدة، يكون قد ترك الطالب حرا في نقد النص مؤيدا أو معارضا، ولعل تلك نظرية جديدة في التربية أو النقد لم أصل إليها بثقافتي القاصرة.
وبعد، فلغة المستشار التي كتب بها تعليقه تبرر في وضوح تام لماذا تتهجم الكتب المدرسية في اللغة العربية على أعمدة الأدب عندنا، فرب البيت زعيم كبير في هذا الميدان، وما على مدرسيه حرج إن تبعوه.
كم كنت أرجو أن تتوثق صلة السيد المستشار بالسيد وزير التربية والتعليم الذي أجد فيه دائما نموذجا من أرفع النماذج وأسماها في الخلق الرضي، والأدب الجم، والتهذيب الذي يدعو من يعامله إلى الإكبار له، والخجل منه في وقت معا.
في آفاق الأدب الإنساني
الأهرام - العدد 32690
Bilinmeyen sayfa