فإن كانت زوجته ذكية وحاولت أن ترضي غروره تعذر عليها هذا واستحال؛ لأنها مهما تبذل له من إرضاء لغروره فلن يرضى، فهو فوق كل تكريم وأرفع من كل تعظيم، وحسب زوجته الله ونعم الوكيل.
أما مع أولاده فالمصيبة أدهى وأمر ...
فإن الأولاد في هذه الأيام لا يحبون أن يصدقوا أن آباءهم قمم، كما كان أبناء الجيل الماضي ينظرون إلى آبائهم، فحين يرى الأبناء أباهم منتفخا كالديك الرومي ولا يجدون ما يبرر هذا الانتفاخ - إن أمكن وجود مبرر لغروره عامة - فإن الأبناء تصاب بنوع من الاحتقار لآبائهم، وويل لأب يحتقره أبناؤه.
وعلى كل حال، فإن عقاب هذا النوع من الناس يكمن في الخلق الذي يتخلقون به، فهم في صراع دائم بين واقعين: واقع يتوهمونه وواقع يراه الناس، وبين هذين الواقعين يعيش هؤلاء في حريق، خفف الله عنهم ومنحهم على بلواهم الصبر إنه قريب مجيب.
ثروت أباظة
القصة واللغة
الأهرام - العدد 32676
28 مايو 1976
لا أدب بغير لغة، وهذه قاعدة لا تحتاج إلى مناقشة، وبحسبك نظرة إلى الآداب الأخرى لتجد أنهم يهتمون بلغتهم اهتماما بالغا، فاللغة هي الوسيلة التي تصل بالعمل الفني إلى مستقبله، فلا بد للكاتب أن يكون عليما بلغته حتى يصل بها إلى حيث يريد من نفوس قرائه، والعلم واللغة ليسا مجرد معرفة بألفاظها، وإنما معرفة بأسرار الألفاظ ومسراها وإشعاعها وارتباطها بالمعاني المختلفة في نفوس الناس.
ولكن ظهرت في السنين الأخيرة فئة ترى أن الروائي أو القصاص لا يحتاج إلى لغة عربية جميلة أو سليمة لكتابة القصة، والأعجب من ذلك أنهم يضعون القواعد والأسباب لنظريتهم هذه، فيقولون إن الأسلوب الجميل يلهي القراء عن تتبع أحداث الرواية أو القصة ومراميها، ويذهب بعضهم إلى الدعوة لاستعمال اللغة العامية مرتئين أن هذا يجعلها أكثر واقعية.
Bilinmeyen sayfa