فقبله منه ولم يردده. والكلام هنا أطول من هذا لكن هذا مقاده١، فأعلق يدك بما ذكرناه: من أن سبب إهمال ما أهمل إنما هو لضرب من ضروب الاستخفاف؛ لكن كيف؟ ومن أين؟ فقد تراه على ما أوضحناه. فهذا الجواب عن إهمالهم ما أهملوه من محتمل القسمة لوجوه التراكيب فاعرفه ولا تستطله؛ فإن هذا الكتاب ليس مبنيًا على حديث وجوه الإعراب وإنما هو مقام القول على أوائل أصول هذا الكلام وكيف بديء وإلام نحي. وهو كتاب يتساهم ذوو النظر: من المتكلمين والفقهاء والمتفلسفين والنحاة والكتاب والمتأدّبين التأمل له والبحث عن مستودعه فقد وجب أن يخاطب كل إنسان منهم بما يعتاده ويأنس به ليكون له سهم منه وحصة فيه! وأما ما أورده السائل في أول هذا السؤال الذي نحن منه على سمت الجواب من علة امتناعهم من تحميل٢ الأصل الذي استعلموا بعض مثله ورفضهم٣ بعضًا نحو امتناعهم أن يأتوا في الرباعي بمثال فَعلُل وفَعلِل وفُعلَل -في غير قول٤ أبي الحسن- فجوابه نحو من الذي قدمناه: من تحاميهم فيه الاستثقال وذلك أنهم كما حموا أنفسهم من استيعاب جميع ما تحتمله قسمة تراكيب الأصول من حيث قدمنا وأرينا كذلك أيضًا توقفوا عن استيفاء جميع تراكيب الأصول من حيث كان انتقالك في الأصل الواحد رباعيًا كان أو خماسيًا من مثال إلى مثال في النقص والاختلال كانتقالك في المادة الواحدة من تركيب إلى تركيب أعني به حال التقديم والتأخير لكن
_________
١ أي وجه قوده والسير به، يريد أن هذا مذهبه وسبيله. وهو هكذا في أ، ب. وفي ش: "مفاده".
٢ كذا في الأصول، وأظهر من هذا في المقام: "تكميل"، وكأنه يريد تحميله كل الوجوه المحتملة فيه باستعمالها.
٣ كذا في الأصول، وأصرح من هذا لو قال: "رفضوا".
٤ يثبت أبو الحسن الأخفش من أبنية الرباعي فعللا كجخدب، ولا يرى ذلك جمهرة النحاة.
1 / 68