البعض، وكانت الأصول ومواد الكلم١ معرضة لهم وعارضة أنفسها على تخيرهم، جرت لذلك "عندهم"٢ مجرى مال ملقى بين يدي صاحبه، وقد أجمع إنفاق٣ بعضه دون بعضه، فميز رديئه وزائفه فنفاه البتة كما نفوا عنهم تركيب ما قبح تأليفه، ثم ضرب بيده إلى ما أطف٤ له من عرض جيدة فتناوله للحاجة إليه، وترك البعض لأنه لم يرد استيعاب جميع ما بين يديه منه لما قدمنا ذكره وهو يرى أنه لو أخذ ما ترك مكان أخذ٥ ما أخذ لأغنى عن صاحبه ولأدى في الحاجة إليه تأديته ألا ترى أنهم لو استعملوا لجع٦ مكان نجع لقام مقامه، وأغنى مغناه. ثم لا أدفع أيضًا أن تكون في بعض ذلك أغراض لهم عدلوا إليه لها، ومن أجلها فإن كثيرًا من هذه اللغة وجدته مضاهيًا بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي عبر بها عنها٧؛ ألا تراهم قالوا قضم في اليابس وخضم في الرطب؛ ذلك لقوة القاف وضعف الخاء فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى، والصوت الأضعف للقعل الأضعف. وكذلك قالوا: صر الجندب، فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته، وقالوا: صرصر البازي فقطعوه لما هناك من تقطيع صوته وسموا الغراب غاق حكاية لصوته والبط بطًا حكاية لأصواتها،
_________
١ أي ظاهرة لهم ميسرة، يقال: أعرض لك الظبي: أمكنك من عرضه وجانبه تصيده، وفي المطبوعة وأ ضبط معرضة بتشديد الراء على صيغة المفعول، وما أئيته أجود.
٢ زيادة في ش، د، هـ.
٣ كذا في ش، ب. وفي المطبوعة، أ: "اتفاق" وهو لا يناسب السياق.
٤ أطف: دنا وقرب.
٥ العبارة في المزهر ١/ ١٤٦: "مكان ما أخذ".
٦ كذا في ش، د، هـ. وفي أ، ب: "اللجع" بسكون الجيم، وفي ج: "اللجع" بفتح الجيم.
٧ كذا في ج: والضمير في "بها" لأجراس الحروف أو للكثير من اللغة باعتبار وقوعه على كلمات والضمير في عنها للأفعال، وفي أ، ب، ش: "بها عنه"، والعبارة مقلوب؛ والوجه: "به عنها"، والضمير المذكر للكثير من اللغة، وضمير المؤنث للأفعال.
1 / 66