إلا سفرجل وحده. فأما قول بعضهم زبردج١ فقلب لحق الكلمة ضرورة في بعض الشعر ولا يقاس. فدل ذلك على استكراههم ذوات الخمسة لإفراط طولها، فأوجبت الحال الإقلال منها وقبض اللسان عن النطق بها إلا فيما قل ونزر؛ ولما كانت ذوات الأربعة تليها وتتجاوز أعدل الأصول - وهو الثلاثي - إليها، مسها بقرباها منها قلة التصرف فيها غير أنها في ذلك أحسن حالًا من ذوات الخمسة لأنها أدنى إلى الثلاثة منها. فكان التصرف فيها دون تصرف الثلاثي، وفوق تصرف الخماسي. ثم إنهم لما أمسوا الرباعي طرفًا صالحًا من إهمال أصوله، وإعدام حال التمكن في تصرفه تخطوا بذلك إلى إهمال بعض الثلاثي، لا من أجل إجفاء٢ تركبه بتقاربه نحو سص وصس ولكن من قبل أنهم حذوه على الرباعي كما حذوا الرباعي على الخماسي ألا ترى أن لجع لم يترك استعماله لثقله من حيث كانت اللام أخت الراء والنون وقد قالوا نجع فيه ورجع عنه، واللام أخت الحرفين وقد أهملت في باب اللجع فدل على أن ذلك ليس للاستثقال، وثبت أنه لما ذكرناه من إخلالهم ببعض أصول الثلاثي لئلا يخلو هذا الأصل من ضرب من الإجماد٣ له مع شياعه واطراده في الأصلين اللذين فوقه، كما أنهم لم يخلو ذوات الخمسة من بعض التصرف فيها وذلك ما استعملوه من تحقيرها، وتكسيرها، وترخيمها نحو قولك في تحقير سفرجل: سفيرج، وفي تكسيره:
_________
١ أي في زبرجد، وفي شعر محدث لأحد أدباء شنقيط:
عليها سموط من محال ملوب ... من التبر أو من لؤلؤ وزبردح
وانظر الوسيط في تاريخ أدباء شنقيط ٩٧.
٢ كذا في أ. وفي ش وب، والمطبوعة: "خفاء" وما هنا أجود.
٣ أي جعله جامدا غير منصرف. وفي القاموس: "وجمد حق رجب وأجمدته" فأخذه ابن جني واستعمله هذا الاستعمال.
1 / 63