من التكسير نحو: طويل وطوال. فإذا كانت العين من الواحد مفتوحة اعتلت١ في هذا المثال كاعتلال الساكن نحو: جواد وجياد. فجرت واو جواد مجرى واو ثوب. فقد ترى إلى مضارعة الساكن للمفتوح. وإذا كان الساكن من حيث أرينا كالمفتوح كان بالمسكن أشبه٢. فلذلك كان مثال فعل أخف وأكثر من غيره لأنه إذا كان مع تقارب أحواله مختلفها كان أمثل من التقارب بغير خلاف أو الاتفاق البتة والاشتباه. ومما يدلك على أن الساكن إذا أدرج ليست له حال الموقوف عليه أنك قد تجمع في الوقف بين الساكنين نحو: بكر وعمرو فلو كانت حال سكون كاف بكر كحال سكون رائه لما جاز أن تجمع بينهما من حيث كان الوقف للسكون على الكاف كحاله لو لم يكن بعده شيء. فكان يلزمك حينئذ أن تبتدئ بالراء ساكنة والابتداء بالساكن ليس في هذه اللغة العربية. لا بل دل ذلك على أن كاف بكر لم تتمكن في السكون تمكن ما يوقف عليه ولا يتطاول٣ إلى ما وراءه. ويزيد في بيان ذلك أنك تقول في الوقف النفس فتجد السين أتم صوتًا من الفاء فإن قلبت فقلت: النسف وجدت الفاء أتم صوتًا وليس هنا أمر يصرف هذا إليه ولا يجوز٤ حمله عليه إلا زيادة الصوت عند الوقوف على الحرف البتة. وهذا برهان ملحق بالهندسي في الوضوح والبيان.
_________
١ لا يريد أبو الفتح أن هذا الاعتلال مذهبه القياس والاطراد، إذ كان لا يجري إلا على شذوذ؛ فجياد من الشاذ الذي يوقف عنده، وإنما هم ابن جني تعليل هذا الشاذ وذكر ما أتاه في العربية. ويرى بعض النحويين أن جيادا جمع جيد ليخرج من الشذوذ.
٢ أي إن الساكن المدرج تجاذبه الشبه بالمفتوح وبالمسكن الموقوف عليه، ولكنه أقرب بالضرورة إلى الأخير من الأول.
٣ هذا عطف على قوله: "يوقف عليه" فإن الموقوف عليه ينحبس ولا يتطلع إلى ما بعده.
٤ "لا" هنا زائدة: ما تزاد في قولك: ما جاء زيد ولا عمرو.
1 / 61