وهو الغرض الذي أريد منه وجيء به من أجله لأنه١ لا يبلغ حركة ما قبله فيجفو تتابع المتحركين ولا سكون ما بعده فيفجأ٢ بسكونه المتحرك الذي قبله فينقض عليه جهته وسمته. فتلك إذًا ثلاث أحوال متعادية لثلاثة أحرف متتالية؛ فكما يحسن تألف الحروف المتفاوتة كذلك يحسن تتابع الأحوال المتغايرة على اعتدال وقرب لا على إيغال في البعد. لذلك٣ كان مثال فعل أعدل الأبنية حتى كثر وشاع وانتشر. وذلك أن فتحة الفاء وسكون العين وإسكان اللام٤ أحوال مع اختلافها متقاربة ألا ترى إلى مضارعة الفتحة للسكون في أشياء. منها أن كل واحد منهما يهرب إليه مما هو أثقل منه نحو قولك في جمع فُعلة وفِعلة: فُعُلات بضم العين نحو غرفات وفعلات بكسرها نحو كسرات ثم يسثقل توالي الضمتين والكسرتين فيهرب عنهما تارة إلى الفتح فتقول: غرَفات وكسَرات، وأخرى إلى السكون٥ فتقول: غُرفات وكِسرات. أفلا تراهم كيف سووا بين الفتحة والسكون في العدول٦ عن الضمة والكسرة إليهما. ومنها أنهم يقولون في تكسير ما كان من فعل ساكن العين وهي واو على فعال بقلب الواو ياء نحو: حوض، وحياض، وثوب، وثياب. فإذا كانت واو واحده متحركة صحت في هذا المثال
_________
١ في الأصول: "إلا أنه"، وهو لا يتفق مع السياق.
٢ كذا في الأصول الخطية، وفي المطبوعة: "فيجقأ"، وهو تحريف.
٣ كذا في ج. وفي بقية الأصول: "كذلك".
٤ يريد إسكان اللام في حال الوقف. والعبارة في ج: "لأن فتحة الفاء وسكون العين في الدرج واللام في الوقف أحوال مع اختلافها متقاربة".
٥ المعروف أن السكون في غرفات وكسرات هو الأصل، والضم والكسر جاءا من إتباع العين حركة الفاء، فليس السكون معدولا إليه حتى يكون كالفتح في هذا الباب، ولكن أبا الفتح قد يكون له وجه مقبول في هذه النظرة؛ فإن الضم والكسر هما الكثير في هذا الباب حتى عاد كأنهما الأصل. وانظر في هذا المبحث الكتاب ج٢ ص١٨١.
٦ في ش: العدل.
1 / 60