جرس الصوت بالتاء والطاء عند الوقوف عليهما أقوى منه وأظهر عند الوقوف على الدال. وأنا أرى١ أنهم إنما٢ يقدمون الأقوى من المتقاربين من قبل أن جمع المتقاربين يثقل على النفس فلما اعتزموا النطق بهما قدموا أقواهما لأمرين: أحدهما أن رتبة الأقوى أبدا أسبق وأعلى والآخر أنهم إنما يقدمون الأثقل ويؤخرون الأخف من قبل أن المتكلم في أول نطقه أقوى نفسًا٣ وأظهر نشاطًا فقدم أثقل الحرفين وهو على أجمل الحالين كما رفعوا المبتدأ لتقدمه فأعربوه بأثقل الحركات وهي الضمة وكما رفعوا الفاعل لتقدمه ونصبوا المفعول لتأخره فإن هذا أحد ما يحتج به في المبتدأ والفاعل. فهذا واضح كما تراه.
وأما ما رفض أن يستعمل وليس فيه إلا ما استعمل من أصله فعنه السؤال وبه الاشتغال. وإن أنصفت نفسك فيما يرد عليك فيه حليت به وأنقت٤ له وإن تحاميت الإنصاف وسلكت سبيل الانحراف فذاك إليك ولكن جنايته عليك.
" جواب٥ قوي ": اعلم أن الجواب عن هذا الباب تابع لما قبله، وكالمحمول على حكمه. وذلك أن الأصول ثلاثة: ثلاثي، ورباعي، وخماسي. فأكثرها استعمالا، وأعدلها تركيبًا الثلاثي. وذلك لأنه حرف يبتدأ به وحرف يحشى به وحرف يوقف عليه. وليس اعتدال الثلاثي لقلة حروفه حسب لو كان كذلك لكان الثنائي أكثر منه؛ لأنه أقل حروفًا، وليس الأمر كذلك؛ ألا ترى أن جميع ما جاء من ذوات الحرفين جزء لا قدر له فيما جاء من ذوات الثلاثة؛ نحو من، وفي، وعن، وهل، وقد، وبل، وكم، ومن، وإذ، وصه، ومه. ولو شئت
_________
١ هذا الضبط بالبناء للمفعول عن أ، ومعناه: أظن.
٢ سقط هذا اللفظ في ش.
٣ ضبط في ج: "نفسا"، بفتح الفاء، وما أثبته أجود.
٤ أنق الشيء، وبه: أعجب به وسر.
٥ سقط هذان اللفظان "جاب صوي" في ش وب، وأثبت في أ.
1 / 56