أغراضه ومعانيه، وليست كذلك حال هذه اللغة؛ ألا ترى إلى قوة تنازع أهل الشريعة١ فيها، وكثرة الخلاف في مباديها، ولا تقطع فيها بيقين، ولا من الواضع لها ولا كيف وجه الحكمة في كثير مما أريناه آنفًا من حالها وما هذه سبيله لا يبلغ شأو ما عرف الآمر به -سبحانه وجل جلاله- وشهدت النفوس واطردت المقاييس على أنه أحكم الحاكمين سبحانه. انقضى السؤال.
قيل: لعمري إن هذه أسئلة٢ تلزم من نصب نفسه لما نصبنا أنفسنا من هذا الموقف له. وههنا أيضًا من السؤالات أضعاف هذه الموردة، وأكثر من أضعاف ذلك، ومن أضعاف أضعافه غير أنه لا ينبغي أن يعطى٣ فيها باليد. بل يجب أن ينعم الفكر فيها ويكاس٤ في الإجابة عنها. فأول ذلك أنا لسنا ندعي أن علل أهل العربية في سمت العلل الكلامية البتة بل ندعي أنها أقرب إليها من العلل الفقهية وإذا٥ حكمنا بديهة العقل وترافعنا إلى الطبيعة والحس فقد وفينا الصنعة حقها وربأنا٦ بها أفرع مشارفها. وقد قال سيبويه ٧: وليس شيء٨ مما يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجهًا. وهذا أصل يدعو إلى البحث٩ عن
_________
١ كذا في الأصول والمناسب للسياق: أهل العربية. وقد أبقيته لأنه قد يريد أن مباحث أصول العربية تولاها أهل الشريعة، فقد تكلم الشافعي في سعة العربية وأنه لا يحيط بها إلا نبي، وكذا غيره من الفقهاء.
٢ تبعت في هذا الرسم ش؛ وفي أ، ب: "أسولة" وهو حمع سوال، لغة في سؤال كما في اللسان.
٣ يقال: أعطى بيده إذا انقاد؛ كما في الأساس. وفي اللسان: أعطى البعير إذا انقاد ولم يستصعب.
٤ أي يتحرى الكيس، وهو الخفة والتوقد والفطنة، وقد كاس الرجل، يكيس، وهو كيس وكيس؛ بتشديد الياء وتخفيفها.
٥ كذا في الأصول ما عدا ج ففيها: "إذ".
٦ المشارف: الأعالي، وأفرع: أعلى، وربأ الجبل: علاه.
٧ انظر الكتاب ص١٣ ج١، والعبارة فيه: "وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها".
٨ كذا في أ، ج، وفي المطبوعة، ب، ش: "فيما".
٩ هكذا في الأصول ما عدا ج ففيها "على". وفيه تضمين "يدعو" معنى يحث.
1 / 54