منها لغات كثيرة: من الرومية والزنجية وغيرهما. وعلى هذا ما نشاهده الآن من اختراعات الصناع لآلات صنائعهم من الأسماء: كالنجار والصائغ والحائك والبناء وكذلك الملاح. قالوا: ولكن لا بد لأولها من أن يكون متواضعًا١ بالمشاهدة والإيماء. قالوا: والقديم سبحانه لا يجوز أن يوصف بأن يواضع أحدًا من عباده على شيء إذ قد ثبت أن المواضعة لا بد معها من إيماء وإشارة بالجارحة نحو المومأ إليه والمشار نحوه والقديم سبحانه لا جارحة له فيصح الإيماء والإشارة بها منه فبطل عنهم أن تصح المواضعة على اللغة منه تقست أسماؤه قالوا: ولكن يجوز أن ينقل الله اللغة التي قد وقع التواضع بين عباده عليها بأن يقول: الذي كنتم تعبرون عنه بكذا عبروا عنه بكذا والذي "كنتم تسمونه"٢ كذا ينبغي أن تسموه كذا٣ وجواز هذا منه -سبحانه- كجوازه من عباده. ومن هذا الذي في الأصوات ما يتعاطاه الناس الآن٤ من مخالفة الأشكال في حروف المعجم كالصورة٥ التي توضع للمعميات٦ والتراجم٦ وعلى ذلك أيضًا اختلفت أقلام ذوي
_________
١ كذا في الأصول. والواجب أن يقال: "متواضعًا عليه"، وفي المزهر ٥/ ١: "متواضعها" وكأنه مصدر ميمي.
٢ كذا في الأصول عداش ففيها "والذي سميتموه".
٣ كذا في أ. وفي ش، ب: "بكذا".
٤ كذا في أ. وفي ش، ب: "في".
٥ كذا في الأصول. وفي المزهر ٩/ ١: "كالصور".
٦ يريد بالمعميات ما عمى وألغز في الرسم والكتابة. وذلك ما يكتب بصورة مصطلح عليها غير الاصطلاح المألوف، ومن أمثلة ذلك أن يكتب الكاف بدل الميم، والطاء بدل الحاء، والراء بدل الدال، فيكتب محمد: كطكر. وهو ما يعرف في اصطلاح العصر بالشفرة. والتراجم جميع الترجمة وهو المعمى نفسه" ويقال له المترجم؛ فكأنه سمي بذلك لما أنه يحتاج إلى الترجمة والكشف عنه، وقد كان المتقدمون يعرفون هذا، وعقد له في صبح الأعشى بابا طويلا -ص٢٣١ ج٩، وذكر أن لابن الدريهم كتابا فيه، وقد نقل عنه قدرا صالحا في هذا العلم. وانظر في فن المعمى بوجه عام الخزانة ١١٣/ ٣. وفي نقد النثر: ٢٦ و"من الظن العيافة والقيافة والزجر والكهانة واستخراج المعمى والمترجم من الكتب، وفيه في ص٢٨: "ألا ترى أنك تظن بالترجمة أنها حروف ما، فإذا أدرتها في سائر المواضع التي تثبت صورها فيها امتحنتها فوجدتها مصدقة لظنك حكمت بحصتها، وإذا خالفت علمت أن ظنك لم يقع موقعه، فأوقعته على غير تلك الحروف إلى أن تصح لك".
1 / 46