قالوا في تفسيره: إن النعال جمع نعل وهي الحرة أي إذا اخضرت الأرض بطروا وأشروا١ فنزا بعضهم على بعض.
وبنحو من هذا فسر أيضًا قول النبي٢ ﷺ: "إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال" أي إذا ابتلت الحرار. ومن هذا اللفظ والمعنى ما حكاه أبو زيد من قولهم: "المعزى تبهى ولا تبنى". ف "تبهى " تفعل من البهو أي تتقافز على البيوت من الصوف فتخرقها فتتسع الفواصل من الشعر فيتباعد ما بينها حتى يكون في سعة البهو ٣. "ولا تبنى " أي لا ثلة لها وهي الصوف فهي لا يجز منها الصوف ثم ينسجونه ثم يبنون منه بيتًا. هكذا فسره أبو زيد. قال: ويقال أبنيت الرجل بيتًا إذا أعطيته ما يبني منه بيتًا.
ومن هذا قولهم: قد بنى فلان بأهله وذلك أن الرجل كان إذا أراد الدخول بأهله بنى بيتًا من أدم أو قبة أو نحو ذلك من غير الحجر والمدر ثم دخل بها فيه فقيل لكل داخل بأهله: هو بان بأهله وقد بنى بأهله. وابتنى بالمرأة هو افتعل من هذا اللفظ وأصل المعنى منه. فهذا كله على التشبيه لبيوت الأعراب ببيوت ذوي الأمصار.
ونحو من هذه الاستعارة في هذه الصناعة استعارتهم ذلك في الشرف والمجد قال لبيد:
فبنى لنا بيتًا رفيعًا سمكه ... فسما إليه كهلها وغلامها
_________
١ في أ: "فأشروا"، وما هنا أجود؛ فإن الأشر هو البطر.
٢ لم أقف على لفظ هذا الحديث. وفي الصحاح معناه. فقد روى مالك والشيخان وأبو داود والنسائي عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ كان يأمر المؤذن في الليلة الباردة أو ذات المطر في السفر أن يقول: ألا صلوا في رحالكم. انظر تيسير الوصول للزبيدي في باب الجماعة.
٣ هكذا "يكون" كما في ش، وفي المطبوعة وأ: "تكون"، وما هنا أجود.
1 / 40