ولو أني أشاء كننت جسمي ... إلى بيضاء بهكنة شموع١
قيل فيه: الشماعة هي المزح والمداعبة. وهذا باب طويل جدًا وإنما أفضى بنا إليه ذرو٢ من القول أحببنا استيفاءه تأنسًا به وليكون هذا الكتاب ذاهبًا في جهات النظر إذ ليس غرضنا فيه الرفع والنصب والجر والجزم لأن هذا أمر قد فرغ في أكثر الكتب المصنفة فيه منه. وإنما هذا الكتاب مبني على إثارة معادن المعاني وتقرير حال الأوضاع والمبادي، وكيف سرت أحكامها في الأحناء والحواشي.
فقد ثبت بما٣ شرحناه وأوضحناه أن الكلام إنما هو في لغة العرب عبارة عن الألفاظ القائمة برءوسها المستغنية عن غيرها وهي التي يسميها أهل هذه الصناعة الجمل على اختلاف تركيبها. وثبت أن القول عندها أوسع من الكلام تصرفًا وأنه قد يقع على الجزء الواحد وعلى الجملة وعلى ما هو اعتقاد ورأي لا لفظ وجرس.
وقد علمت بذلك تعسف المتكلمين في هذا الموضع وضيق القول فيه عليهم حتى لم يكادوا يفصلون بينهما. والعجب ذهابهم عن نص سيبويه فيه، وفصله بين الكلام والقول.
ولكل قوم سنة وإمامها٤
_________
١ البهكنة: المرأة الغضة الخفيفة الروح. والشموع: المزاحة اللعوب، وقوله: كنت، يوافق ما في ش، وما في المخصص ص٢ ج٤، وفي المطبوعة وأ: "كتبت". وفي ديوانه: "كنئت نفسي".
٢ أي طرف.
٣ كذا في أ، وفي ش: "لما".
٤ هذا عجز بيت من معلقة لبيد صدره:
من معشر سنت لهم آباؤهم
1 / 33