"بلى فا ". فهذا ونحوه مما يقل لفظه، فلا يحمل حسنًا ولا قبحًا، ولا طيبًا ولا خبثًا. لكن قول الآخر "مالك بن أسماء "١:
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفًا من حديثها الحسن
ومن حديث يزيدني مقة ... ما لحديث الموموق من ثمن
أدل شيء على أن هناك إطالة وتمامًا٢، وإن كان بغير حشو ولا خطل؛ ألا ترى إلى قوله: " طرائفًا من حديثها الحسن " فذا لا يكون مع الحرف الواحد، ولا الكلمة الواحدة، بل لا يكون مع الجملة الواحدة، دون أن يتردد الكلام، وتتكرر فيه الجمل فيبين ما ضمنه من العذوبة وما في أعطافه من النعمة واللدونة؛ وقد قال بشار:
وحوراء المدامع من معد ... كأن حديثها ثمر الجنان٣
ومعلوم أن٤ من حرف واحد، بل كلمة واحدة، بل جملة واحدة لا يجنى ثمر جنة واحدة، فضلًا عن جنان كثيرة. وأيضًا فكما أن المرأة قد توصف بالحياء والخفر فكذلك أيضًا قد توصف بتغزلها ودماثة حديثها ألا ترى إلى قول الله سبحانه: ﴿عُرُبًا أَتْرَابًا، لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾ وأن العروب في التفسير هي المتحببة إلى زوجها المظهرة له ذلك؛ بذلك فسره أبو عبيدة. وهذا لا يكون مع الصمت٥، وحذف أطراف القول، بل إنما يكون مع الفكاهة والمداعبة وعليه بيت الشماخ:
_________
١ انظر ذيل الأمالي ٩٠ واللسان في "طرف".
٢ كذا في ش، وفي أ: "إتماما".
٣ بعده:
إذا قامت لمشيشتها تثنت ... كأن عظامها من خيزران
وانظر المختار من شعر بشار ٣٤.
٤ يريد أنه، وهذا ضمير الشأن حذفه هنا.
٥ كذا في ش، ب. وفي أ: "الضمير".
1 / 32