Bilgi Haritası: Klasik Çağ'ın Fikirlerini Nasıl Kaybettik ve Nasıl Geri Kazandık: Yedi Şehrin Tarihi

Muhammed Hamid Darviş d. 1450 AH
90

Bilgi Haritası: Klasik Çağ'ın Fikirlerini Nasıl Kaybettik ve Nasıl Geri Kazandık: Yedi Şehrin Tarihi

خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن

Türler

كان تلاميذ كريسولوراس مترجمين غزيري الإنتاج؛ فكانوا يستخدمون مهاراتهم اللغوية التي كانوا قد اكتسبوها مؤخرا لإنتاج إصدارات جديدة محسنة من النصوص الكلاسيكية المترجمة مباشرة من الأصل اليوناني. في الوقت نفسه، كان الباحثون الشجعان يشدون الرحال منطلقين إلى أديرة بعيدة في جبال إيطاليا آملين في العثور على نصوص قديمة مهملة، استطاعت البقاء والصمود عبر قرون في مكتبات تلك الأديرة، بل إن بعضهم، من أمثال بوجيو براشيوليني، الذي كان ناسخا في الديوان البابوي، مضوا لأبعد من ذلك، متوجهين شمالا عبر جبال الألب إلى ألمانيا وسويسرا. في كتابه المثير للاهتمام «الانحراف»، يصف المؤرخ ستيفن جرينبلات الرحلات التي قام بها بوجيو، «صائد المخطوطات البارع»، إلى أديرة مثل سان جال ودير كلوني. كان بوجيو كاتب رسائل بارعا؛ إذ كانت شخصيته يتردد صداها من خلال المكاتبات التي تبادلها مع أصدقائه ومعارفه الكثيرين، وكان باحثا واسع الاطلاع، عمل لحساب بابوات عديدين، وكان بمقدوره أن يستشهد بكتابات شيشرون بقدر ما شاء، ولكنه أيضا كان رجلا كتب مجموعة من القصص القصيرة الماجنة، وكان يثيره زيارة الحمامات العامة أثناء سفره في ألمانيا: «من المضحك رؤية النساء العجائز الهرمات وكذلك الشابات يمضين عرايا إلى الماء أمام أعين الرجال ويعرضن أعضاءهن الحساسة ومؤخراتهن للناظرين.»

2

كما كتب لصديقه نيكولو نيكولي.

أثمرت استكشافات بوجيو لمكتبات الأديرة في الجبال حول بحيرة كونستانس بعض النتائج الجديرة بالاهتمام؛ إذ وجد بضع خطب مجهولة لشيشرون ومخطوطا يحتوي على الأعمال الكاملة لكينتيليان، وقد حظي كلاهما بقبول حسن من رفاقه من أصحاب النزعة الإنسانية في إيطاليا. ومع ذلك، فقد طغى اكتشافه الأخير على كل الاكتشافات الأخرى. ففي يناير من سنة 1417، على رف مترب في أعماق مكتبة بأحد الأديرة، وجد بوجيو نسخة من كتاب «في طبيعة الأشياء»، للفيلسوف الروماني لوكريتيوس؛ وهو كتاب لم يكن قد رأى النور لقرون، وكان الناس يتداولون عنه شائعات فحسب. احتوت هذه القصيدة الغنائية الملحمية المعقدة، التي كانت الكنيسة تدينها وتقمعها لأكثر من ألف سنة، على أفكار كانت متمردة جدا، وتهدد النظام القائم بشدة؛ لذا كان بقاء هذا العمل في حد ذاته بمثابة معجزة.

2

كان لوكريتيوس (99-55ق.م) أبيقوريا، يتبع مدرسة فلسفية تأسست في اليونان في القرن الثالث قبل الميلاد، على أساس الاعتقاد (الذي تبين بعد ذلك أنه كان ينطوي على رؤية ثاقبة متبصرة) بأن كل شيء في الوجود يتكون من لبنات بناء صغيرة جدا. أطلق الأبيقوريون على هذه اللبنات اسم «الذرات»؛ شيء بالغ الصغر فلا يمكن تقسيمه أكثر من ذلك، ولا يمكن خلقه ولا تدميره. في كتاب «في طبيعة الأشياء» يتبنى لوكريتيوس بحماسة هذا الطرح ومجموعة الأفكار التي تستند إليه وهي: لا يوجد خالق ولا تدبير إلهي؛ وكل شيء في الخليقة قد تطور ويستمر في التطور والتكيف والتكاثر؛ والإنسان مجرد كائن من ملايين الكائنات الحية على الكوكب وليس له دور محوري أو متفرد في الكون؛ وليس ثمة حاجة إلى الخوف من الموت؛ لأن الروح تموت ولا توجد حياة بعد الموت. لا تزال هذه الأفكار تثير قدرا كبيرا من الجدل في بعض الأجزاء من العالم إلى يومنا هذا؛ لذا تخيل إلى أي مدى كانت بالتأكيد خطيرة ومؤثرة على ما يبدو في مجتمع كان يخضع بأكمله لسيطرة وحكم الكنيسة المسيحية. فيما يتعلق بالدين، كان كتاب «في طبيعة الأشياء» يتسم بالصرامة: «كل الأديان المنظمة هي عبارة عن أوهام خرافية ... وتتسم دوما بالقسوة.» يرى الأبيقوريون أن «الهدف الأسمى للحياة البشرية هو زيادة المتعة وتقليل الألم»؛ وهو مبدأ يتناقض تناقضا مباشرا مع الرسالة المسيحية التي تقول إن المعاناة في هذا العالم تكسبك سرورا في العالم الآخر.

3

حور الكتاب المسيحيون هذه الفكرة ليصفوا الأبيقوريين بأنهم فاسقون وعديمو الأخلاق، ولا يهتمون إلا برغباتهم المنحطة. في نواح كثيرة، تظهر القصيدة وكأنها بيان لمنهجية العلم الحديث، وهي تتسم برؤية بعيدة المدى لدرجة أننا ما زلنا لم نفهم فهما تاما أو نستكشف تماما كل الأفكار التي تناقشها. كان لدى بوجيو نسخة كتبت في مكتبة الدير وأرسلها إلى صديقه، نيكولو نيكولي، الذي دون نسخته الخاصة بطريقة جميلة، وهي عملية استغرقت مدة طويلة بلغت أربعة عشر عاما. أصبحت مطالب بوجيو بعودة القصيدة مشحونة على نحو متزايد، وما إن تلقاها أخيرا، حتى بدأ تداول نسخ منها وبدأ شعر لوكريتيوس الآسر في التدفق عبر شبكات أوروبا الفكرية، معاودا الظهور في كل أنحاء القارة؛ في الجمال السريالي للوحة بوتيتشيلي «مولد فينوس»، ومعالجة ميشيل دي مونتين للجنس والموت في «المقالات»، و«الذرات الصغيرة المؤتلفة» التي تصاحب الملكة ماب في مسرحية «روميو وجولييت».

4

بقيت خمسون مخطوطة من كتاب «في طبيعة الأشياء» من القرن الخامس عشر، وهو عدد ضخم، يبين شعبيته؛ التي ازدادت أكثر عندما طبع العمل للمرة الأولى، في مدينة بريشيا، نحو سنة 1473-1474. وتبع هذا إصدارات في فيرونا سنة 1486 وفينيسيا سنة 1495، ونشرت دار ألدين للطباعة أنجح هذه الإصدارات كلها في عام 1500.

Bilinmeyen sayfa