Bilgi Haritası: Klasik Çağ'ın Fikirlerini Nasıl Kaybettik ve Nasıl Geri Kazandık: Yedi Şehrin Tarihi
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Türler
شكل 6-3: صفحة من نسخة مخطوطة من الكتاب الشائع «سيركا إنستانس» مع رسم لنبات التربنتين.
يدرج «الأقراباذين» وصفات مفصلة لتشكيلة ضخمة من الأدوية، نصفها يأتي مباشرة من كتاب «الكليات». ها هي وصفة «إسفنج منوم»، يستخدم مخدرا ومنوما:
خذ أوقية من الأفيون من ثيفا، ثم أوقية من كل من عصير الجوسكيام [البنج الأسود] والتوت غير الناضج وتوت العليق الأسود وبذور الخس والشوكران والخشخاش واللفاح واللبلاب الشجري. ضع كل هذا في وعاء، مع إسفنجة مأخوذة للتو من البحر حتى لا تكون قد تلامست أبدا مع المياه العذبة. عرضه [أي الوعاء] للشمس أثناء أيام الكلب [أشد أيام الصيف قيظا] حتى يستهلك كل شيء. عندما تريد استخدام الإسفنجة، بللها برفق بماء ساخن وضعها على منخاري المريض، وسوف يغفو سريعا.
11
كان يمكن أن يكون لهذا الخليط الغريب جميع أنواع الآثار الجانبية، ولكن من غير المرجح أن يكون النوم واحدا منها. ومع ذلك، فهي تذكرنا بوصفة الزهراوي الأكثر نجاعة للتخدير؛ إسفنجة مغموسة في القنب والأفيون. من بين كل العلاجات المذكورة في «الأقراباذين»، فإن العلاج الذي يدعي أكبر الادعاءات هو «الترياق العظيم لجالينوس»، جرعة سحرية تشفي كل الأمراض، ويفترض أن من ابتكرها هو جالينوس نفسه ويبدو أنها فعالة لعلاج طائفة مذهلة من الحالات، تشمل السكتة الدماغية والصرع والصداع النصفي وألم المعدة والاستسقاء والربو والمغص والجذام والجدري والقشعريرة وكل السموم، ولدغات الثعابين والزواحف. قائمة المكونات طويلة جدا ومعقدة للغاية، لدرجة أنه من الصعب تصديق أن أحدا تمكن على الإطلاق من صنعها، ولكن لو كانوا فعلوا ولو كان «الترياق العظيم» يرقى إلى مستوى سمعته، لكان بمقدورهم منفردين شفاء جميع السكان المحليين.
12
تطلبت هذه الأدوية تشكيلة هائلة من النبات، ومنذ فترة طويلة كانت حدائق العلاج المتخصص سمة للمؤسسات الرهبانية، فكانت تزرع جنبا إلى جنب مع حدائق زراعة الخضر المنزلية التي كانت تنتج الطعام للرهبان. لا بد أن المعالجين المحليين العلمانيين كان لديهم أيضا حدائق الأعشاب الخاصة بهم، وكانت ساليرنو في القرن الثاني عشر مليئة بقطع الأرض الصغيرة والبساتين المخصصة لزراعة الفاكهة والخضراوات والأعشاب. كانت المنازل صغيرة نسبيا؛ إذ كانت عبارة عن هياكل خشبية يمكن بسهولة إزالتها ونقلها إلى مكان آخر، وكان معظم الناس يزرعون طعامهم ويربون الخنازير والدجاج والإوز، لو كان بوسعهم شراؤها. وكان العطارون والصيادلة يمتلكون حدائق الأعشاب المتخصصة الخاصة بهم لتزويدهم بالنباتات اللازمة لتحضير علاجاتهم، ويستكملونها بالمكونات الغريبة التي كانوا يشترونها من تجار المدينة.
كان يوجد دائما كثير من النساء الحكيمات اللواتي يعطين النصائح والعلاجات لمجتمعاتهن المحلية، ولكن في جنوب إيطاليا، كان ملحوظا أنه كانت توجد أيضا طبيبات متعلمات مدربات تلقين تعليمهن في ساليرنو ونابولي. ومما يدعو للأسى أن هذا الجانب المتنور من الطب الساليرني لم يكن شائعا في أماكن أخرى، ومع استثناءات محدودة جدا، كان على النساء أن ينتظرن حتى القرن العشرين قبل أن يكون في مقدورهن دراسة الطب وممارسته بأعداد كبيرة. كان هؤلاء النساء في العصور الوسطى ماهرات بصفة خاصة في طب النساء والتوليد وصحة المرأة؛ وقد شرحت معارفهن مجتمعة في القرن الثاني عشر في سلسلة من ثلاثة نصوص عرفت باسم «تروتيولا». أصول هذه النصوص غير واضحة، ولكن من المحتمل جدا أن امرأة من ساليرنو تدعى «تروتا» أو «تروكتا» كانت قد شاركت في صنعها ومن ثم منحتها اسمها. تغطي النصوص طائفة من الموضوعات تشمل الحمل والولادة بل حتى مستحضرات التجميل، واعتمادا على المصادر العربية التي ترجمها قسطنطين، أدمجت طب النساء في الإطار الجالينوسي للأخلاط، ومن ثم في المنهج الدراسي الأكاديمي الناشئ. اعتمادا على نصوص مترجمة حديثا، ولكنها متجذرة في سنوات من المعرفة العملية للقبالة وصحة المرأة، استخدم أطباء في كل أنحاء أوروبا نصوص «تروتيولا». كان كثيرون منهم، بالطبع، رجالا، ربما يكونون قد شعروا بالارتياح في اكتساب بعض المعرفة الدقيقة السليمة فيما يتعلق بطريقة العمل الغامضة للجسم الأنثوي.
بغض النظر عن الدخول المتبصر للنساء إلى مدرسة ساليرنو الطبية، فإنه بحلول القرن الثالث عشر كانت ساليرنو قد فقدت موقعها المسيطر في الطب الأوروبي. فقد ارتقت مدن مثل بولونيا ومونبلييه وبادوفا لتأخذ مكانها، واستندت مناهجها التعليمية على تراجم قسطنطين وكتب باحثين طبيين ساليرنيين. ظل الباحثون يأتون للدراسة في ساليرنو، وعادوا معهم بالكتب الدراسية الخاصة بمجموعة «أرتيسيلا»؛ مما ضمن أن تظل المدينة بوابة مهمة للطب في أوروبا في العصور الوسطى. غير أن مدرستها الطبية تدهورت، وطغت عليها مدرسة جارتها، نابولي، بجامعتها الصاعدة وارتقائها لتصبح عاصمة مملكة صقلية وجنوب إيطاليا.
كانت العاصمة السابقة للإقليم هي باليرمو، وهي مدينة جميلة أنيقة على الساحل الشمالي الغربي لصقلية. كانت هذه المدينة هي المعقل الرئيسي لحكام النورمان طوال القرن الثاني عشر، ومقر بلاطهم الملكي العالمي المتألق. وكما سنرى لاحقا، فتحت العلاقات الدبلوماسية لهذا البلاط مع قسطنطين سبلا جديدة للتبادل الثقافي مع عودة المبعوثين محملين بالكتب إلى صقلية، وهو ما يحاكي ما حدث في بغداد وقرطبة. ولكن ثقافة النورمان لاتينية بالأساس؛ لذا ترجمت هذه النصوص اليونانية مباشرة، وليس عن طريق اللغة العربية بوصفها وسيطا، كما كان الحال في طليطلة وساليرنو. من شأن هذا الاتجاه الجديد لنقل المعرفة أن يستمر ليلعب دورا بالغا أثناء عصر النهضة، عندما فتش علماء المذهب الإنساني باجتهاد عن النصوص القديمة بلغتها اليونانية الأصلية وعرفوا قدرها، ولكن بدايات ذلك كانت في باليرمو في القرن الثاني عشر.
Bilinmeyen sayfa