Bilgi Haritası: Klasik Çağ'ın Fikirlerini Nasıl Kaybettik ve Nasıl Geri Kazandık: Yedi Şehrin Tarihi
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Türler
كان المصدر الآخر العظيم للإلهام لدى عبد الرحمن فيما يتعلق ببناء مدينته الجديدة هو وطنه الذي أجبر على مغادرته. فكما تبين القصيدة في مستهل هذا الفصل، فهو لم ينس أبدا سوريا؛ فقد كانت تمثل له الضوء المرشد في تشكيله لعالم جديد في الأندلس. في عام 784، أصدر توجيهاته ببناء المسجد المسمى «لا مسكيتا» (المعروف باسم «مسجد قرطبة»)، على موقع كنيسة سانت فينسنت القوطية الغربية القديمة، التي كان المسيحيون والمسلمون، حتى ذلك الحين، يتشاركونها مكانا للعبادة. كانت قدسية هذا الموقع - الكائن داخل المدينة، بجانب الجسر الكبير وبالقرب من القصر الأندلسي الذي بني وأعيدت تسميته فصار «ألكازار» (كلمة عربية تعني «قلعة حصينة») - قد استمرت لأكثر من ألف سنة؛ منذ أن بنى الرومان معبدا هناك. بني مسجد عبد الرحمن على طراز المسجد الذي كان يصلي فيه عندما كان صبيا في دمشق، ولكن، مع الإضافات التي أضيفت إليه على يد نسله، اكتسب شكله المعماري المستقل؛ إذ دمج بين الطرز الرومانية والسورية والقوطية الغربية والإيبيرية. تدعم الأعمدة الثمانمائة الغريبة (كثير منها مأخوذ من الأطلال الرومانية) مستويين من الأقواس ذات الخطوط الحمراء والبيضاء،
2
مشكلة أنماطا أخاذة ومشاهد متناسقة. يخلب مسجد قرطبة «لا مسكيتا» الألباب، فهو أروع مثال على العمارة الإسلامية في الغرب. إلا أنه في عام 1236، فتحت قرطبة على يد المسيحيين من الشمال، الذين لم يضيعوا أي وقت وحولوه إلى كنيسة، فوضعوا مذبحا وكرسوا المبنى. وبعد قرنين من الزمن، قرر أسقف قرطبة، ألونزو مانريكي، أنه حتى مع المذبح الجديد، فإنه ما زال أشبه بمسجد وهو ما يثير القلق؛ لذا حصل على إذن ببناء كاتدرائية في وسطه. عندما تسير عبر جنبات مسجد قرطبة «لا مسكيتا» في وقتنا الحاضر، تلاحظ أن الحيز إسلامي تماما؛ فصفوف الأعمدة تنتشر ممتدة بمناسيب ساحرة وأنت تتحرك عبرها، ولكن عندما تصل إلى المركز، يرتفع السقف ارتفاعا هائلا إلى الأعلى نحو أقواس مدببة وعقد مروحي واضح، وتجد نفسك في كاتدرائية قوطية، يكملها كراسي للجوقة من خشب الماهوجني وصليب. مما لا شك فيه أنه واحد من أغرب المباني في العالم، مسجد تجثم فوقه كاتدرائية، تجسيد حجري هائل للصراع بين الديانتين.
في الوقت نفسه، كان المشهد المحيط بالمدينة يتعرض هو الآخر للتغيير. في ظل النظام الإسلامي للزراعة الإيجارية، كان المزارعون يدفعون للملاك نسبة من المحصول، وليس ضريبة صارمة كما كان الحال في ظل النظام القوطي الغربي الإقطاعي. كان هذا يعني أن المحاصيل الجيدة كانت في مصلحة الجميع؛ لذا شجع ذلك الناس على الاستثمار في البنية التحتية الزراعية؛ فكان الملاك يوفرون المعدات والمزارعون يوفرون العمالة. أتى المستوطنون العرب بخبرة تكنولوجية في الري جمعوها عبر قرون من الزراعة في مناطق من أكثر الأماكن جفافا على سطح الكوكب؛ فليس من قبيل المفاجأة أنه تقريبا كل كلمة إسبانية معاصرة ارتبطت بالري تأتي من العربية. في أنحاء الأندلس، بنى الناس نواعير لملء قنوات الري، ودرسوا وحسنوا التربة، ودرجوا بعناية المنحدرات إلى حقول وحولوا مجاري المياه الجبلية إلى صهاريج تخزين . وأعادوا بناء شبكة القنوات الرومانية وعملوا على تمديدها؛ مما زاد من حجم الأرض الخصبة وحسن المحاصيل. لكل حبة قمح تزرع، كان يمكن توقع ست حبات عند الحصاد؛ في فرنسا، كان المعدل واحدا إلى ثلاثة فقط. شجع الاستقرار السياسي النسبي المزارعين على زراعة محاصيل عالية القيمة طويلة الأمد، مثل الزيتون (الذي قد يستغرق ما يصل إلى أربعين عاما حتى ينضج) والكروم لإنتاج الزيت والخمر. السمة الأخيرة للازدهار الزراعي كانت إدخال وفرة من النباتات الجديدة، التي كان كثير منها مأخوذا من الهند ووزع في أنحاء الإمبراطورية الإسلامية مع توسعها. كانت المحاصيل الموسمية، مثل القطن وقصب السكر والموز والأرز والبرتقال والبطيخ تنمو على نحو جيد في إيبيريا، ما دامت تروى ريا صحيحا. أحدثت الأطايب الغريبة الأخرى، مثل البلح والمشمش والباذنجان والبازلاء والخوخ والزعفران والتين، تغييرا في الحدائق المنزلية وموائد الطعام الأندلسية؛ مما أضاف إلى الطائفة الواسعة من المنتجات التي كانت موجودة بالفعل. أطعمت هذه الوفرة من الطعام الأعداد المتزايدة من سكان قرطبة وملأت خزائن الإمارة بالمال، نحو 100 ألف دينار في العام، في نهاية حكم عبد الرحمن الأول وهو مقدار لا بأس به بالنسبة إلى رجل وصل دون أي شيء من الجانب الآخر من البحر المتوسط منذ بضعة عقود فقط.
حب عبد الرحمن الأول العميق للنباتات جعله قائدا لثورة خضراء. فأنشأ قصر بساتين، إلى الشمال مباشرة من قرطبة، وأسماه الرصافة؛ تيمنا بملاذ جده خارج دمشق. وأرسل وكلاء في أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وإلى سوريا، للبحث عن النباتات والبذور وجلبها، «كل أنواع النباتات النادرة والغريبة والأشجار الجيدة من كل بلد»،
2
حتى يتأتى له أن يحيط نفسه بفاكهة ونباتات طفولته ومن ثم كون مجموعة مذهلة من النباتات. تشير إحدى القصص إلى أنه أرسل رسولا إلى أخته، التي كانت قد بقيت في سوريا ونجت من مذبحة العباسيين؛ ليحاول إقناعها بالمجيء والعيش في الأندلس معه. رفضت المغادرة، ولكنها عوضا عن ذلك أرسلت إليه سلة من رمان سوريا؛ تذكارا من طفولتهما السعيدة. تعفنت الفاكهة أثناء الرحلة الطويلة الحارة ، لكن واحدا من أفراد حاشية عبد الرحمن زرع البذور على أي حال، وينمو نسلها الآن في كل أنحاء إسبانيا.
3
مهد قصر الرصافة الطريق للجيل التالي من الحدائق النباتية الأندلسية، حيث درس الخبراء النباتات، واستحدثوا أدوية ووجدوا طرقا لأقلمة الأنواع الغريبة التي استخدمت بعد ذلك في علاج الأمراض. وازدهر علم البستنة ولعب دورا حيويا في تطوير الأدوية الأندلسية. وفيما بعد، في ظل الحكم المسيحي، استمر التقليد مع الحدائق الطبيعية التابعة للرهبان، حيث كانت النباتات تزرع وتستخدم لتحضير أدوية وعلاجات. إلا أن كل ذلك بدأ في قصر الرصافة الحبيب إلى قلب عبد الرحمن، حيث «لم تفشل منتجات المناطق البعيدة والظروف المناخية المختلفة هذه في أن ترسخ جذورها، وتزهر وتثمر في الحدائق الملكية، ومنها انتشرت بعد ذلك في سائر أنحاء البلاد»،
3
Bilinmeyen sayfa