الملك بقتله فناوله قدح فيه سم. واعلمه بما يريد من قتله فاظهر عند تناوله القدح مسرة وفرحا فقال له الملك ما هذا الفرح ايها الحكيم فقال ايها الملك هل اعجز ان اكون مثل ققنس وهذا البحر الرومي بيئة وبين بحر القلزم حاجز.

قال ابو الريحان محمد بن احمد البيروني في كتاب تحديد نهايات الاماكن لتصحيح مسافات الاماكن وقد كان حرص بعض ملوك الفرس في بعض استيلائهم على مصر على ان يحفروا ما بين البحر بين القلزم والرومي ويرفعوا البرزخ بينهما فلم يتمكن لهم ذلك لارتفاع ما القلزم على ارض مصر فلما كانت دولة اليونانيين جاء بطليموس الثلاث ففعل ذلك على يدي ارشميدش بحيث يجعل الغرض بلا ضرر فلما كانت دولة الروم القياصرة طموه منعا لمن يصل اليهم من اعدائهم قلت. وقد سمعت من يذكر ان البحر الذي عليه الان ارض ايلة حيث ينزل الحجاج اذا نزلوا من العقبة المعروفة بعقبة ايلة هو البحر الذي اشتقوه من بحر القلزم ليمروا به من ايلة ويصلوه بالبحر الرومي قريبا من العريش وان هذه التلال التي يسميها الحجاج الان دوار حقل هي ما خرج من مثل هذا البحر المحفور ومن تامل بحر العقبة فانه يجده لسانة قد خرج من بحر القلزم ا نحو مدين حتي انتهي الي ارض ايلة ويجد ايض دوار حقل انما هو تالله رمل قد تلبد والله اعلم بحقيقة ذلك.

واعلم ان الزقاق الذي تقدم ذكره يقال له زقاق سبتة وهو صعب السلوك شديد الهول متلاطم الامواج لانزعاج الماء فيه وضيق عرضه لأنه اثنا عشر ميلا تقريبا وطول هذا الزقاق الي مينا سبتة ستة وثلاثون ميلا ث يتسع اتساعا مفرطا حتي يبلغ عرضه سبعمائة ميل.

واذا خرج البحر الرومي من هذا الزقاق مر شرقا في بلاد البربر وشمال بلاد المغرب الاقصي الي اوسط بلاد المغرب على افريقية وبرقة. والاسكندرية وشمال التيه وارض فلسطين وسواحل الشام ويعطفه من هناك الي العلايا وانطاكية الي ظهر بلاد القسطنطينية حتي ينتهي الي البحر المحيط الغربي الذي خرج منه وهو يشق نصف المعمورة في الاقليم الرابع فيمر من المغرب الي المشرق حتي يقف عند صورة من ساحل الشام فيأخذ نصف طول الارض تقريبا وذلك ستة الاف ميل.

وعلى بره الغربي سبتة وساحل البربر وافريقية وبرقة ومصر وبعض ساحل الشام وعلى بره الشمالي سواحل الاندلس وما والاهما من بلاد النصاري كجنوة ورومة وبلاد فسطنطينية وبلاد م وفيه عدة جزائر وطول هذا البحر خمسة الاف ميل وقيل ستة الاف ميل وعرضه من سبعمائة ميل الي ثلاثمائة ميل وفيه مائة وسبعون جزيرة عامرة فيها امم كثيرة معروفة.

Sayfa 139