بأعذار، ومن جملتها ما قال القاضي الحافظ أبو الوليد سليمان الباجي (بالموحدة والجيم) المغربي في كتاب (التعديل والتجريح) لرجال البخاري، قال: أخبرنا أبو داود عبيد بن محمد بن أحمد الهروي، حدثنا أبو إسحاق المستملى إبراهيم بن أحمد، قال: انتسخت كتاب البخاري من أصل كان عند محمد بن يوسف الفربري، فرأيته لم يتم بعد، وقد بقيت منه مواضع مبيضة كثيرة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا، ومنها أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض، قال: ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق ورواية أبي محمد ورواية أبي الهيثم، ورواية أب زيد وقد نسخوا من أصل واحد فيها التقديم والتقديم والتأخير وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة في موضع ما فأضافه إليه ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينها أحاديث، قال: وإنما أوردت هذا لما عني به أهل بلدتنا في طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها، وتكلفهم في ذلك من تعسف التأويل ما لا يسوغ والبخاري ﵀ وإن كان من أعلم الناس بصحيح الحديث وسقيمه فليس ذلك من علم المعاني وتحقيق الألفاظ بسبيل، كيف وفيها روى أبو إسحاق العلة في ذلك وبينها أن الحديث الذي يلي الترجمة ليس بموضوع لها وإنما هو موضوع ليأتي قبل ذلك بترجمته ' ويأتي للترجمة التي قبله من الحديث بما يليق بها، وسعيت فيه في توضيح العبارات وكشف القناع عن المشكلات، ولم أبال عن الإعادة في الإفادة عند الحاجة إلى البيان ولا في تعجيم بعض الأسماء التي هي واضحة عند أهل هذا الشأن، لأني قصدت فيه النفع للمبتدئين والمنتهين، والفائدة للمتقدمين والمتأخرين' وقد جرى في هذه الأيام في بعض أمهات بلاد الإسلام أمر، وهو أن سلطانها مرض وأراد التبرك بقراءة البخاري لاستشفاء علّته واستسقاء غلته، فأشار إلى أهلها بقراءته وأمرهم بتلاوته، فاشتبه عليهم أكثر الأسماء مثل ابن بكير هل هو مصغّر أو مكبر حتى كادوا يتركون قراءته لذلك فصار هذا أيضا مضافا إلى ما كنت قصدته من الزيادة على التوضيح في قسم الأسماء، لاسيما وقد صار هذا الفن مهجورا في أكثر الأمصار، وليس للعقل فيه دخل ولا للقياس فيه اعتبار، فجاء بحمد الله كتابا حافلا بكل ما يحتاج إليه المحتفل به فهو شيخ للطالب، أستاذ للمتعلم، مرشد للمشتغل به فيا لها نعمة عظيمة أخلصت لك نقاوتها، وطعمة جسيمة حببت لك حلاوتها، وغنيمة باردة اخترت صنعها، ولقمة هنيئة أعددت لك نقيها وهكذا تنمي الجدود وتسفر عن مطالعها السعود فعش بجد صاعد، فرب ساع لقاعد فإنك استغنيت به عن ألف كتاب أو أزيد، ولو كان لكتابي هذا نفس ناطقة ولسان مطلقة، لقال بمقال صريح وكلام فصيح لله درّ مؤلف هذا التأليف الرائق الرئيس، ولا شلّت يد مصنف هذا التصنيف الفائق النفيس وهذا الكتاب لابد أن يقع لأحد رجلين: إما عالم منصف فيشهد لي بالخير ويعذرني
1 / 5