ومن تذلل للمولى، فيرفعه ... ومن تفرق فيه شمله جمعه
وقال أيضًا رضي الله تعالى عنه:
يربى الخليل على ما كان صاحبه ... يعتاده وعلى ما كان فيه ربي
وفي الحقيقة يعتاد الصغير بما ... قد كان ينظر من أم له وأب
والعبد يربى بما رباه سيده ... من كثرة الخير أو من قلة الأدب
ومن تراه بضرب الدف ملتهبًا ... يميل سامعه للرقص والطرب
كذا لسانك من نطق يفوه بما ... عودته منك من صدق ومن كذب
والشيخ إن كان ذا جهل فتتبعه ... فيه تلاميذه جهلًا بلا عجب
وطالب الخير غير الخير ليس يرى ... وطالب الشر غير الشر لم يصب
ومن مشى في طريق كان متهمًا ... ما زال متهمًا بالعيب والريب
ومن أسر لشيء كان يفعله ... فسوف في وجهه يبدو لمرتقب
ومن يماش فتى بالقبح متصفًا ... فسوف يرمى به في الحكم والسبب
ومن له طمع يزداد فيه فلم ... يمل من كثرة الإلحاح في الطلب
ومن له سوء خلق وابتليت به ... ففي مداراته ما زلت في تعب
ومن يمل عن طريق الحق منحرفًا ... كالكلب ما زال يلفى أعوج الذنب
ومن له حسن وجه لا حياء به ... فذاك برق بلا غيث ولا سحب
ومن له يا فتى علم بلا عمل ... فذاك نخل بلا طلع ولا رطب
ومن له في اللقا قول وليس له ... فعل، فذاك حكى كرمًا بلا عنب
أخبرت عن شيخ الإسلام الوالد - رضي الله تعالى عنه - أنه كان يحكي عن شيخه الشيخ أبي الفتح المزي أنه ذكر عن بعض شيوخه بدمشق أنه قال له يومًا: تعال إلي عند صلاة العشاء، فجاء إليه، فصلى معه العشاء، ثم خرج الشيخ المذكور، وخرج معه الشيخ أبو الفتح حتى كانا بالربوة، ثم خرج به من المكان المعروف بالمنشار، وتعلقا بسفح قاسيون، فلما أشرفا على الجبل قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: انظر إلى هذه المشاعل وعدها واحفظ عددها، ثم سار به على السفح حتى وصلا إلى مقام السيد إبراهيم الخليل ﵊ المعروف بقرية برزة، فلما كان هناك قال الشيخ للشيخ أبي الفتح: كم عددت مشعلًا؟ قال: ثمانمائة، قال:
1 / 15