مقدمة
- ١؟
في غرة جمادى الآخرة من سنة ٧٧٣ جاز لسان الدين بن الخطيب إلى سبتة، تاركًا أعباء الوزارة بالأندلس مفارقًا المال والولد والجاه، فارًا إلى ما يرجوه من حياة هادئة مطمئنة في ظل السلطان المريني أبي فارس عبد العزيز. وقد كانت هجرته تلك وليدة أزمة نفسية طالت به معاناتها إلى أن وضح له المنهج واستبانت الطريق. وقد كشف هو عن هذه الأزمة في عهد مبكر حين كتب إلى الشيخ أبي عبد الله ابن مرزوق رسالة يعذله فيها على جنوحه إلى خدمة الدولة ونزوعه إلى الدنيا ويصور فيها مكاره الحياة السياسية ومكايدها وقد علق ابن مرزوق عليها حين قراها بقوله: " والعجب كل العجب أن جميع ما خاطبني به - أبقاه الله تعالى - تحلى به اجمع وابتلي بما منه حذر فكأنه خاطب نفسه وانذرها بما وقع له فالله تعالى يحسن له الخاتمة والخلاص " (١) . ولعل مما زاد في حدة تلك الأزمة النفسية انتشاب لسان الدين في التصوف قولا
_________
(١) النفح ٧: ٨٠.
1 / 3