Keşşaf
الكشاف
Yayıncı
دار الكتاب العربي
Baskı Numarası
الثالثة
Yayın Yılı
١٤٠٧ هـ
Yayın Yeri
بيروت
ويخدعون من خدع. ويخدعون- بفتح الياء- بمعنى يخدعون. ويخدعون. ويخادعون على لفظ ما لم يسم فاعله. والنفس: ذات الشيء وحقيقته. يقال عندي كذا نفسا. ثم قيل للقلب:
نفس لأن النفس به. ألا ترى إلى قولهم: المرأ بأصغريه. وكذلك بمعنى الروح وللدم نفس لأن قوامها بالدم. وللماء نفس لفرط حاجتها إليه: قال اللَّه تعالى: (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) وحقيقة نفس الرجل بمعنى عين أصيبت نفسه، كقولهم: فلان يؤامر نفسيه- إذا تردّد في الأمر اتجه له رأيان وداعيان لا يدرى على أيهما يعرج كأنهم أرادوا داعي النفس، وهاجسى النفس فسموهما: نفسين، إما لصدورهما عن النفس، وإما لأن الداعيين لما كانا كالمشيرين عليه والآمرين له، شبهوهما بذاتين فسموهما نفسين. والمراد بالأنفس هاهنا ذواتهم. والمعنى بمخادعتهم ذواتهم: أن الخداع لاصق بهم لا يعدوهم إلى غيرهم ولا يتخطاهم إلى من سواهم. ويجوز أن يراد قلوبهم ودواعيهم وآراؤهم.
والشعور علم الشيء علم حس «١» من الشعار. ومشاعر الإنسان: حواسه. والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس، وهم لتمادى غفلتهم كالذي لا حسّ له.
واستعمال المرض في القلب يجوز أن يكون حقيقة ومجازا، فالحقيقة أن يراد الألم كما تقول:
في جوفه مرض. والمجاز أن يستعار لبعض أعراض القلب، كسوء الاعتقاد، والغل، والحسد والميل إلى المعاصي، والعزم عليها، واستشعار الهوى، والجبن، والضعف، وغير ذلك مما هو فساد وآفة شبيهة بالمرض كما استعيرت الصحة والسلامة في نقائض ذلك. والمراد به هنا ما في قلوبهم من سوء الاعتقاد والكفر، أو من الغل والحسد والبغضاء، لأن صدورهم كانت تغلى على رسول اللَّه ﷺ والمؤمنين غلا وحنقًا ويبغضونهم البغضاء التي وصفها اللَّه تعالى في قوله: (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) ويتحرقون عليهم حسدا (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) وناهيك مما كان «٢» من ابن أبىّ وقول سعد بن عبادة لرسول اللَّه ﷺ: «اعف عنه يا رسول اللَّه واصفح، فو اللَّه لقد أعطاك اللَّه الذي أعطاك،
_________
(١) . قال محمود رحمه اللَّه تعالى: «والشعور علم الشيء علم حس … الخ» . قال أحمد ﵀: إيضاح هذا الكلام على تفسير الشعور كما قال بأنه علم الشيء من ناحية الحس الخ: أنه لما كانت مفسدة النفاق عائدة على المنافق عودًا بينًا جليا محسوسًا، نعى عليهم جهلهم بالمحسوس فنفى شعورهم به ولا كذلك معرفة الحق وتميزه عن الباطل فانه أمر عقلى نظري.
(٢) . قوله «وناهيك مما كان» لعله: بما كان. (ع)
1 / 59