Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Türler
قال شيخنا صفي الإسلام رحمه الله تعالى: يعني إن كانت معدومة فهي كلا علة فقد وجد في الأزل بلا شيء، وإن كانت قديمة فمعلولها قديم والقديم مستغن عن العلة، فلزم وجود العالم وجميع الحوادث في الأزل، واستغناؤه عن جميع المؤثرات والعلل إذا كان لعلة أو لعلل قديمة أو معدومة، وإن قيل بالثالث وهو أنه لعلة أو لعلل محدثة فقد أشار عليه السلام إلى ذلك بقوله: [ ولا يجوز أن يكون ثبوت ذلك ] العالم بما فيه من الاختلاف [ لعلة ] واحدة أو لعلل [ محدثة ] لأنها تكون كلها مفتقرة إلى محدث، و[ لأنها لا تخلو ] في نفسها [ إما أن يكون ] واقعا حدوثها دفعة واحدة لزم وجود العالم بما فيه، كذلك وقد علمنا في كثير منه أنه يحدث شيئا بعد شيء كنزول الأمطار وحصول الثمار والحيوانات، وإما أن يكون واقعا حدوثها شيئا بعد شيء، فلا يخلو إما تأخر حدوثه من تلك العلة أو العلل إما أن تكون في ذاتها [ مماثلة لما تقدم ] منها [ أو مخالفة ] له، [ إن كانت مماثلة ] لما تقدم منها [ وجب وجود معلولها ] وهو العالم بما فيه من جميع أصناف العالم[ متماثلا ] ولا يصح اختلافه في شيء أصلا، لأن شأن المثلين المؤثرين على سبيل الإيجاب أن لا يختلف أثرهما لما كان مثلين كالنارين والحجرين كل منهما يؤثر الإحراق لا غيره، والكسر للزجاج لا غيره، وكذلك جميع المقتضيات عن المتماثلات كالتحيز وجواز التجزي والانقسام في جميع الأقسام، فلو قيل: إن المؤثر في العالم وجميع ما فيه من الاختلاف هو علة أو علل متماثلة لزم عدم اختلافه، [ وفي علمنا باختلاف ذلك العالم دلالة على بطلان القول بأنه ] حاصل [ عن علة ] مماثلة لما تقدم منها [ أو عن علل متماثلة ] فيما بينها أي فيما بين المتقدمات والمتأخرات والحاصلات دفعة، فكان يلزم أن لا يوجد اختلاف بين اثنين رأسا، فلا تتميز بعض الأشياء عن بعض، ولا يختص بعضها بجهة دون جهة، ولا بزمن دون زمن، ولا الكبير منها بأن يكون كبيرا أو أكبر، ولا الصغير منها بأن يكون صغيرا أو أصغر بأولى من العكس، ولا الأبيض أبيضا ولا الأسود أسودا بأولى من العكس، وكذلك جميع الصفات الجائزة على الأجسام والأعراض كالحياة والموت والذكورة والأنوثة والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والزيادة والنقصان والعدم والبطلان، هذا إذا قيل: إن العالم حاصل عن علة أوعلل متماثلة، [ و] إن قيل: إن حصوله واختلافه لعلة أو لعلل مختلفة، فكذلك [ لا يصح أن يكون ] ذلك [ لعلة مخالفة ] لما تقدم منها [ ولا لعلل مخالفة ] بعضها لبعض، [ لأنها حينئذ ] أي حين حصولها مختلفة [ تكون قد شاركت العالم في الاختلاف الذي لأجله احتاج إليها ] لأن العالم إنما احتاج إلى هذه العلل عند القائلين بها لأجل اختلافه، فإذا كانت هذه العلل مختلفة في نفسها، فلا شك أن تحتاج هي إلى مخالف، فأما نفسها وهو محال لما تقدم، وإما غيرها فإما علل متماثلة لزم تماثل العالم فيما بينه وهو معلوم البطلان، وإما متخالفة احتاجت إلى علل أخر [ فيدور الكلام ] أو يتسلسل [ إلى ما لا يعقل ولا ينحصر من العلل ] إما لزوم الدور، فحيث يقال المؤثر في العلل المذكورة في المرتبة الثانية فما بعدها هي العلل المذكورة في المرتبة الأولى، وإما لزوم التسلسل فحيث يقال المؤثر في العلل المذكورة في المرتبة الثانية هي العلل المذكورة في المرتبة الثالثة، والعلل المذكورة في المرتبة الثالثة هي علل في مرتبة رابعة ثم خامسة ثم كذلك إلى ما لا نهاية له، فيتوقف وجود العالم على وجود ما لا نهاية له في جانب الدور أو جانب التسلسل،وإنما لم يذكر المؤلف عليه السلام التسلسل صراحة لدخوله ضمنا في قوله: ولا ينحصر من العلل، فإذا كان يلزم توقف وجود العالم على وجود ما لا يعقل ولا ينحصر من العلل لزم الحكم بعدم وجوده حتى يوجد ما تعلق وجوده عليه، وتوقف على وجوده وهي العلل الموصوفة بالوصف المذكور من الدور أو التسلسل، ووجودها على ذلك الوصف مستحيل، وما توقف وجوده على المستحيل استحال وجوده فصار وجود العالم على هذه الكيفية مستحيل، وقد علمنا وجوده فيلزم أن وجوده كان لا على هذه الكيفية، فإما أن يخرج عن هذه الكيفية إلى كيفية مثلها في كونها مستحيلة بأن يقال بقطع لزوم الدور والتسلسل بفرض أنه -أي العالم- وما فيه من الاختلاف موجود لعلة موجودة من ذاتها لا من غيرها بأن تكون قديمة كما يقوله الخصم، فلا ثمرة في الخروج عن المستحيل إلى القول بمستحيل آخر لأنه كما يستحيل ما أدى إلى الدور والتسلسل، كذلك يستحيل اختلاف الأثر عن العلة المتحدة، فإن كانت مختلفة رجعنا إلى ما خرجنا عنه وهو لزوم الدور أو التسلسل، وإما أن يخرج من هذه الكيفية إلى كيفية ممكنة بأن يقدر في هذه العلة وقوع الاختيار والمشيئة ويسلب عنها الإيجاب والاضطرار قلنا: فيلزم رفع تلك التسمية وهو قولهم العلة لارتفاع المعنى الذي وضعت له وهو الإيجاب والاضطرار وتبدل عنها التسمية الموضوعة للمعنى المقابل للإيجاب والاضطرار وهو الإرادة والاختيار فيقال فاعل مختار، [ فيجب الاقتصار على ] ذلك لأنه [ المحقق المعلوم. ].
Sayfa 85