Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Türler
والتحقيق: أن ما ذكر من كون الحي في الشاهد يجب أن يكون جسما يتحرك ويسكن، وتصح عليه الشهوة والنفرة واللذة والموت والعجز والجهل ليس متفرعا على مجرد كونه قادرا عالما لا غير، بل على ذلك مع كونه محدثا، والله تعالى ليس بمحدث والقادر العالم الحي من خاصية الفاعل المختار أعم من أن يكون محدثا أو قديما، فلا يلزم فيمن اتصف بأنه قادر عالم حي أن يكون جسما متحركا أو ساكنا أو نحو ذلك إلا إذا كان محدثا، وهذا واضح والله أعلم إن قيل: كيف ساغ لكم دعوى أن العلم بكون الفاعل المختار يجب أن يكون حيا ونحوه ضروري، وهؤلاء أهل الإلحاد ينكرون العلم بذلك فضلا عن أن يكون ضروريا، وهؤلاء إخوانكم المسلمين من المعتزلة وجماعة من الزيدية يقولون: العلم بذلك استدلالي ولو كان ضروريا لما أنكره أهل الإلحاد رأسا ولما جعله هؤلاء المسلمون استدلاليا، بل كان سبيل الجميع أن يعلموه ضرورة لأن الضروريات يشترك فيها العقلاء جميعهم كما في سائر الضروريات ؟
قلنا: الضروري مهما توقف العلم به على علم استدلالي لم يحصل إلا بعد النظر في ذلك العلم الاستدلالي حتى يتقرر ويثبت في النفس، فمتى حصل ذلك الاستدلالي وثبت في النفس لزم معه حصول العلم الضروري بما هو من لازم ذلك المعلوم استدلالا، وليس هو ضروري بكل حال حتى يلزم ما ذكره السائل، فإن أهل الإلحاد إنما أنكروا العلم بكونه تعالى حيا لإنكارهم أنه فاعل مختار وهو أمر استدلالي، والمعتزلة ومن وافقهم إنما قالوا: إنه استدلالي لشبهة سبقت إليهم وهو أنه لا يصح أن تعلم الذات والصفة ضرورة، وهذا لا يرد علينا إلا إذا قلنا إن الصفة تعلم ضرورة بكل حال علمت الذات أم لا.
إن قيل: فالضروري مالا ينتفي عن النفس بشك ولا شبهة وهؤلاء قد انتفى عنهم العلم بكونه ضروريا لتلك الشبهة المذكورة،وأهل الإلحاد انتفى عنهم العلم بكون الله تعالى حيا بما حرروه من الشبه التي أفضت بهم إلى ذلك القول.
Sayfa 157