Keşf ve Beyan
الكشف والبيان
Soruşturmacı
الإمام أبي محمد بن عاشور
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Baskı Numarası
الأولى ١٤٢٢
Yayın Yılı
هـ - ٢٠٠٢ م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
فقال: صام النّهار إذا اعتدل، وقام قائم الظهيرة لأنّ الشمس إذا طلعت في كبد السّماء وقفت فأمسكت عن السير سريعة. قال امرؤ القيس:
فدع ذا وسلّ الهمّ عنك بحسرة ... ذمول إذا صام النّهار وهجرا «١»
وقال الرّاجز:
حتّى إذا صام النّهار واعتدل ... وسال للشمس لعاب فنزل
ويقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام: صام.
قال الله تعالى: إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا «٢»: أي صمتا.
فالصوم: هو الإمساك عن المعتاد من الطّعام والشّراب والجماع.
كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ من الأنبياء والأمم وأولهم آدم ﵇، وهو ما
روى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي ﵁ قال: أتيت رسول الله ﷺ ذات يوم عند انتصاف النّهار وهو في الحجر، فسلّمت عليه فردّ عليّ النبيّ ﷺ ثمّ قال: «يا علي هذا جبرئيل يقرئك السلام. فقلت: عليك وعليه السّلام يا رسول الله لم؟
قال: ادن منّي، فدنوت منه فقال: يا علي يقول لك جبرئيل: صم كل شهر ثلاثة أيام يكتب لك بأول يوم عشرة آلاف [سنة] وباليوم الثاني ثلاثين ألف [سنة] وباليوم الثالث مائة ألف [سنة] .
فقلت: يا رسول الله هذا ثواب لي خاصة أم للنّاس عامة؟ قال: يا علي يعطيك الله هذا الثواب ولمن يعمل مثل عملك بعدك. قلت: يا رسول الله وما هي؟
قال: أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر» [٣٧] «٣» .
قال عنترة: قلت لعلي ﵁: لأي شيء سميت هذه الأيام البيض؟
قال: لما أهبط آدم ﵇ من الجنّة إلى الأرض أحرقته الشمس. فاسودّ جسده ثمّ صام اليوم الثالث. فأتاه جبرئيل فقال: يا آدم أتحب أن يبيض جسدك؟
قال: نعم، قال: فصم من الشهر ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر فصام آدم ﵇ أول يوم فابيض ثلث جسده، ثمّ صام اليوم الثاني فابيض ثلثا جسده، ثمّ صام اليوم الثالث فابيض جسده كلّه. فسميت أيام البيض.
قال المفسّرون: فرض الله على رسوله محمد ﷺ وعلى المؤمنين صوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر حين قدم المدينة فكانوا يصومونها إلى أن نزل صيام شهر رمضان قبل قتال بدر
(١) المصدر السابق.
(٢) سورة مريم: ٢٦.
(٣) شرح الأزهار للإمام أحمد المرتضى: ٢/ ٥٣ (الهامش) ط. صنعاء، وغنية الطالبين: ٧٣٨.
2 / 62