هذا من دعاء الأموات والغائبين وسؤالهم ما لا يقدر عليه إلا الله. من قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وإغاثة اللهفات؟ وقد أخبر الله تعالى أن استجابتهم للداعي ممتنعة؛ لأنهم يسألونهم ما لا يجوز أن يسأل إلا من الله
القريب المجيب الذي أمر عباده بدعائه والرغبة إليه، ووعدهم على ذلك الاستجابة، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم﴾ (١) فرغبة هذا المشرك في دعاء الميت أو الغائب الذي أخبر تعالى أنه لا يستجيب له؛ وأنه غافل عن دعائه، وأنه لا يرضى بذلك منه، بل يبرأ إلى الله مما فعل، ويعاديه عليه، كما دلت على ذلك الآيات المحكمات، فما خيبة من رغب عن سؤال الحي القيوم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض إلى سؤال ميت أو غائب لا يسمع ولا يستجيب (٢ولا قدرة له٢) (٢) . ولم يشرع لنا تعالى أن نتوسل بذات أحد من خلقه، بل أرشدنا إلى أعظم الوسائل إليه (٣)، وهو أسماؤه الحسنى. قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾ (٤) وأما سؤال الحي الحاضر أن يدعو لأخيه المسلم فليس من هذا الباب، لأن الله تعالى أقدره على الدعاء، وأرشد العباد إلى أن يدعو بعضهم لبعض (٥كما ورد في دعاء الغائب لأخيه الغائب٥) (٥)؛ لأن الله تعالى أقدره عليه، وهذا من جنس أن