أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُون﴾ (١) . وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدا﴾ (٢)، قلت:
و"أحدًا" نكرة في سياق النهي وهي تعم كل مدعو من دون الله. وقال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلال﴾ (٣) . قال ابن القيم –رحمه الله تعالى- على قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾: (والله سبحانه صاحب دعوة الحق في ذاته وصفاته وإن لم يوجب لداعيه بها ثوابًا، فإنه يستحقها لذاته، فهو أهل أن يعبد وحده ويدعى وحده ويقصد ويشكر ويحمد ويحب ويرجى ويخاف ويتوكل عليه ويستعان به ويصمد إليه فتكون الدعوة الآلهية الحق له وحده، ومن قام بقلبه بهذا معرفة وذوقًا وحالًا صح له مقام التبتل والتجريد المحض، وقد فسر السلف دعوة الحق بالتوحيد، والإخلاص فيه، والصدق، ومرادهم هذا المعنى، فقال علي ﵁: "دعوة الحق" التوحيد، وقال ابن عباس: "شهادة أن لا إله إلا الله"، وقبل الدعاء بالإخلاص والدعاء الخالص لا يكون إلا لله، ودعوة الحق
دعوة الآلهية، وحقوقها، وتجديدها، وإخلاصها) (٤) . انتهى من "المدارج". ومن ذلك قوله تعالى:
﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ
_________
(١) سورة الأنعام، الآية: ٤٠.
(٢) سورة الجن، الآية: ١٨.
(٣) سورة الرعد، الآية: ١٤.
(٤) ما بين القوسين سقط من: (المطبوعة)، وانظر "مدارج السالكين": (٢/٢٩-٣٠) .
1 / 53