قال الحافظ ﵁: (الخُبثُ -بضم الخاء المعجمة والباء-: جمع خبيث، والخبائث: جمع خبيثة). كذا في الرواية.
وقال الخطابي: إنه لا يجوز غيره، وغلَّط من سكّن الباء الموحدة (١)، وتعقب بأنه يجوز الإسكان كما في نظائره مما جاء على هذا الوجه؛ كُكُتب ورسُل وسُبُل (٢).
فعلى هذا يكون قد (استعاذَ ﷺ من ذُكرانِ الشياطينِ): مفرد شيطان، إما من شاط: إذا احترق، أو من شطنَ: إذا بَعُدَ (٣)، وعلى كل، فالشيطان محروق مبعود، (وإناثِهم)، وإنما كان ﷺ يستعيذ إظهارًا للعبودية، ويجهر بها للتعليم.
وقد روى المعمري هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار، عن
(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ١٠ - ١١)، و"إصلاح غلط المحدثين" له أيضًا (ص: ٤٨).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٤/ ٧١)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٥٠)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: ٢٣ - ٢٤)، وقد صوّب الزركشي كلام الخطابي، فقال: وفيما قالا -أي: النووي وابن دقيق - نظر، فإنه إن أريد بالخبث هنا المصدر، لم يناسب قوله: "الخبائث"؛ إذ لا ينتظم أعوذ بالله من أن أكون خبثًا، ومن إناث الشياطين، وإن أريد جمع خبيث بالضم وخفف، فينبغي المنع؛ لأن التخفيف إنما يطَّرد فيما لا يلتبس كُعُنق وأُذُن من المفرد، ورسُل وسبُل من الجمع، ولا يطَّرد مما يلتبس كحمر وخضر، فإن التخفيف في حمر مُلْبس لجمع أحمر وحمراء، وفي خضر بالمفرد، ولذلك قرأ في السبع: ﴿رُسْلنا﴾ و﴿وسُبْلنا﴾ و﴿الأُذْن بالأذْن﴾ كل ذلك بالتخفيف، ولم يقرأ في السبع: ﴿كأنهم حمر مستنفرة﴾ إلا بالضم، فبذلك ينبغي ألّا يخفف الخبث إلا مسموعًا من العرب، لئلا يلتبس بالمصدر، فالذي قاله الخطابي أقرب إلى الصواب، انتهى.
(٣) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٣/ ٢٣٧)، (مادة: شطن).