إشارة البوم
فناداه البوم وهو منفرد بالخراب مهموم، أيها الصديق الصادق، لا تكن بمقالة الخطاف واثق، ولا لعقله موافق، فإنه إن سلم من شبه زادهم، فما سلم من شبهة فرحهم وأعيادهم، وتكثير سوادهم، وقد علمت أن من كثر سواد قوم فهو منهم، ولو صحبهم ساعة صار مسئولا عنهم، وقد علمت أن مبدأ التفريط من آفة التخليط، والخلطة غلطة، وأول السيل نقطة، وأعلم أن السلامة في العزلة، فمن وليها لا يخاف عزله، فهلا استسن بسنتى، وتأسى بوحدتي، واعتزل المنازل والنازل، وزهد في المآكل والآكل، فلا أساكنهم في مساكنهم، ولا أزاحمهم في أماكنهم، ولا أجالسهم في مجالسهم، بل اخترت لنفسي الداثر من الجدران، ورضيت بالخراب على العمران، فسلمت من الأنكاد، وأمنت من شر الحساد، ولم أزل عن الأحباب فريدا، وعن الأتراب بعيدا، من كان مسكنه التراب، كيف يساكن الأتراب،
1 / 82