فيحتاج إلى دفع أذى الحر والبرد عن نفسه ليبقى نفسه فيؤدي بها ما تحمل من أمانة الله تعالى ولا يتمكن من ذلك إلا بكن فصار الكن بهذا المعنى بمنزلة الطعام والشراب
قال وقدر لهم المعاش بأسباب فيها حكمة بالغة يعني أن كل أحد لا يتمكن من تعلم جميع ما يحتاج إليه في عمره فلو اشتغل بذلك فني عمره قبل أن يتعلم وما لا يتعلم لا يمكنه أن يحصله لنفسه وقد تعلق بهذا مصالح المعيشة لهم فيسر الله تعالى على كل واحد منهم تعلم نوع من ذلك حتى يتوصل إلى ما يحتاج إليه من ذلك النوع بعمله ويتوصل غيره إلى ما يحتاج إليه من ذلك بعلمه أيضا وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا وبيان هذا في قوله {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات} الآية يعني أن الفقير يحتاج إلى مال الغني والغني يحتاج إلى عمل الفقير فهنا أيضا الزارع يحتاج إلى عمل النساج ليحصل اللباس لنفسه والنساج يحتاج إلى عمل الزارع لتحصيل الطعام والقطن الذي يكون منه اللباس لنفسه ثم كل واحد منهما يقيم من العمل يكون معينا لغيره فيما هو قربة وطاعة فإن التمكن من إقامة القربة بهذا يحصل فيدخل تحت قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم وسواء أقام ذلك العمل بعوض شرط عليه أو بغير عوض فإذا كان مقصده ما بينا كان في عمله معنى الطاعة لقوله صلى الله عليه وسلم الأعمال
Sayfa 75