أولها:
التشديد في مقاطعة إسرائيل الاقتصادية الشاملة، وحصارها حصارا اقتصاديا شاملا، بحيث تشترك بهذا العمل كافة الدول العربية مع شعوبها، وأن يؤيد ذلك تشاريع صارمة وعقوبات شديدة. فالمقاطعة الاقتصادية الشاملة هي أولى واجباتنا، فلا يجوز أن نشتري من منتوجات العدو شيئا مهما قلت قيمته، ولا أن نبيعه شيئا مهما بدا لأعيننا تافها لا قيمة له ولا غنى فيه، وواجب المقاطعة مزدوج يقع جله على عاتق الحكومات العربية، فهي بما أوتيت من خبرة واطلاع وسلطة واسعة يتوجب عليها أن تسن القوانين، وأن تفرض الأنظمة بحيث لا تسمح للأعداء مهما بذلوا من الجهد أن تغزو منتوجاتهم أسواقنا رغم ما قد يتخذون من الحيل في هذا السبيل، والواجب الآخر يقع على عاتق الشعب، فيجب أن يكون يقظا حذرا يؤمن أن المقاطعة هي سلاحه الأول للمحافظة على كيانه، فيكون على استعداد لأن يتحمل شيئا من شظف العيش إن تطلبت المقاطعة ذلك، وأن ينبذ من بين صفوفه كل من تسول له نفسه أن يستغل محنة أمته ليثرى من ورائها ويجمع الأموال. ولا أراني محتاجا لذكر الحجج لدعم هذا الرأي، فالأمر على غاية من الوضوح، وغاية الصهيونيين الأولى في فلسطين أن يمكنوا فيها أقدامهم أولا بتصنيع البلاد لتتسع فيما بعد لملايينهم، ولقد ابتدءوا السير فعلا في هذا السبيل، ولا بد للتصنيع من أمرين: أولهما إيجاد مورد ثابت للمواد الخام، وثانيهما تأمين أسواق لتصريف المصنوعات، ولتحقيق هذين الأمرين ينظر اليهود بعيون شرهة إلى العالم العربي المترامي الأطراف، فقد وهبته الطبيعة الكثير من خيراتها ونعمها، وهي لا تزال في حالة بدائية لم تستغل كل الاستغلال، ثم إن سكانه يتزايدون على مر الأيام عددا، وتتزايد بذلك مطاليبهم في الحياة، فأية بلاد أخرى في العالم توافق أهواء الصهيونيين وتنيلهم مآربهم على هذا الشكل؟ فإذا استمرت الأمة في ما هي عليه من غفلة وجدت نفسها لا حول لها ولا قوة، يغزوها العدو باقتصادياته في عقر دارها، فتعيش على ما يتصدق به عليها أعداؤها من خيرات بلادها، وإن شاءوا أمسكوه عنها فأصابوه في الصميم من كيانها. أما إذا انتبهنا لأمرنا، وحلنا دون أن يتسرب شيء إلى عدونا مما هو بحاجة إليه من المواد الخام، وحلنا دون استيراد ما يصدره من المصنوعات أصبنا اقتصادياته بضربة في الصميم تسهل علينا أن نجهز عليه في المستقبل، ولن يكبدنا ذلك كثيرا من التضحية، فشظفنا لن يبلغ شيئا مما يتحمله الإنكليز اليوم من شظف العيش والتقشف، بينما تغمر مصنوعاتهم أنحاء مختلفة من العالم في سبيل غاية أقل خطرا من الغاية التي نسعى إليها.
ثانيها:
أن تسرع الدول العربية في تهيئة شئونها العسكرية، فتقيم حلفا عسكريا يربط فيما بينها، تتوحد بموجبه قيادة جيوشها ويؤمن تحقيق برنامج كبير واسع للتسلح نستطيع بفضله رد العدوان ودفع كيد الغزاة وإيقاف تيارهم الجارف.
ثالثها:
تجنيد جميع قوى الأمة العربية وإعداد شبيبتها للحرب من سن «16 إلى 60»، وتنظيم القسم النهائي وتدريبه بإعداد نفسه لتحمل الحرب الطويلة التي ستقوم بيننا وبين إسرائيل إلى أن نحوز النصر النهائي.
رابعها:
تجنيد قوى المهاجرين العرب في أمريكا وغيرها، والاستفادة من قواهم الكافية مثلما يفعل أخصامنا في القارات الخمس.
والمهاجرون العرب في أمريكا وأفريقيا وأستراليا يعرفون مقدار تعاون اليهود في تلك القارات، فعليهم يتوقف النجاح إلى درجة عظيمة؛ لأنهم باحتكاكهم باليهود عرفوا قيمة العمل المشترك بين أبناء الأمة الواحدة، وعرفوا معنى الوطنية الحقيقية. ومتى وحد العرب كلمتهم ووحدوا قيادتهم وجيوشهم أمكنهم الوقوف أمام الخطر الجارف.
بهذا تكون الأمة العربية قادرة في كل وقت على كيل الصاع صاعين، ورد الضربة ضربات، والقضاء في النهاية على العدو الغاشم المغتصب من غير رحمة ولا لين. وبعد هذا كله نعود فنفكر بحياة مستقرة هانئة نسير على ضوئها مع الأمم الراقية وفي قافلتها العظيمة، رائدنا السلام، وهدفنا السعادة الدائمة للإنسان مما يتفق وما أراده الصديق الكريم الأستاذ قسطنطين زريق في كتابه «معنى النكبة» وتطبيقه على مدى الأيام حسبما تقتضيه سنة الرقي.
Bilinmeyen sayfa