ثانيا: النّحويّة:
إنّ نحو اللغة العربية هو المسلك الإعرابي الذى تسير فيه ألفاظها. والإعراب من الظواهر التي اختصت بها العربية، (وهو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ) (١). والأصل في العربية أن تكون العلامات ذوات دلالة على المعاني، وأنّ اختلاف العلامات يؤدي إلى اختلاف المعاني (٢). ومن هنا فقد اختص الإعراب بالأواخر؛ لأنه دليل على المعاني اللّاحقة للمعرب (٣).
وقد احتفظت العربية الفصحى في ظاهرة التصرف الإعرابي بسمة من أقدم السّمات اللغوية التي فقدتها جميع اللغات السامية (٤). وتجلّت هذه السمة واضحة في آيات الذكر الحكيم وما ورد فيه من قراءات ضمها كتاب الكنز نختار منها الآتي:
١ - تشديد نون المثنى إذا كان اسما موصولا أو اسم إشارة: ظهر هذا في قوله تعالى: واللذان يأتيانها منكم [النساء/ ١٦] وإن هذان لساحران [طه/ ٦٣] وإحدي ابنتي هاتين [القصص/ ٢٧] وفذانك برهانان [القصص/ ٣٢] وربنا أرنا اللذين (٥) [فصلت/ ٢٩]. فحقّ نون المثنى والملحق به الكسر، وفتحها لغة من لغات العرب (٦). وقد سمع عندهم تشديد نون المثني في اسم الإشارة والاسم الموصول فقط (٧).
قال ابن هشام: ويجوز تشديد نونهما رفعا بالاتفاق وجرّا ونصبا خلافا للبصريين (٨). ونسب هذا التشديد إلى تميم وقيس وأسد، أما التخفيف فنسب إلى قريش (٩). وشدّدت النون هنا فى المثنى للتعويض عن الياء المحذوفة منه، إذ إن
_________
(١) المزهر ١/ ٣٢٧.
(٢) معاني النحو ١/ ٢٩.
(٣) بدائع الفوائد ١/ ٣٤.
(٤) العربية/ ٣.
(٥) الكنز/ ٥٥٧.
(٦) شرح ابن عقيل ١/ ٦٩.
(٧) كشف المشكل ١/ ١٩٤.
(٨) أوضح المسالك ١/ ١٤٠، وشرح اللمحة البدرية ١/ ٣١٧.
(٩) الظواهر اللغوية في قراءة الحسن البصري/ ٦٢.
1 / 68