Kanz al-Fawa'id
كنز الفوائد
التبجيل والتعظيم وفي ذلك ما ذكرناه من غاية التنفير ومن ذا الذي تكون نفسه ساكنه الى قبول وعظ خليفته يعلم أو يجوز انه سينحط عن رتبة الخلافة الى ان يصير رعية ويهبط من درجة الامامة الى ان يحصل من أحد الامة كسكونها الى من لا يجوز ذلك عليه بل كيف يصح من التابعين غاية التبجيل والتعظيم لمن يعلمون من حاله أو يجوزون ذلك من امره انه سيتأخر بعد مقامه ويصير تابعا لمن كان من اتباعه ومتعلما ممن كان يعلمه ومقتديا بمن كان يقتدى به حتى يسقط ما كان يلزم الناس من فرض طاعته ويصير هو وهم طائعين لمن كان من جملة المطيعين له ومن دفع ان يكون الخروج من هذه المنزلة منفرا كمن دفع ان يكون القباحة في الخلق والذمامة المفرطة في الصور منفرا وقد اجمع معنا خصومنا من المعتزلة على ان الله تعالى يجنب اولياءه وانبياءه عليهم السلام جميع هذا فبان بما ذكرنا ان منزلة هارون من خلافة موسى عليه السلام منزلة لا يجوز خروجه عنها ما دام حيا وانه لو بقي بعد موسى لكان احق بها من يوشع واولى وفي ذلك دليل على ان أمير المؤمنين عليه السلام يستحقها من رسول الله صلى الله عليه واله في حياته وبعد وفاته لبقائه بعده وليس موت هارون في حيوة موسى عليهما السلام بمانع لامير المؤمنين عليه السلام مما هو مستحقه ببقائه الا ترى ان رجلا لو قال لوكيل له اجر على عبدي الرومي في كل يوم جرابة وفي كل شهر صلة ثم قال له بعد ذلك ان منزلة عبدي الحبشي عندي كمنزله ذلك الرومي فاجره مجراه واجعل له من الجاري والصلة نظير ما جعلت له ثم مات الرومي فمعلوم ان موته لا يقطع جراية الباقي ولا يحرمه صلته هذا ما لا يدفعه أحد ولا ينكره فإن قال الخصم فيلزمك على هذه الطريقة ان تقولوا ان طاعة أمير المؤمنين عليه السلام كانت مفترضة على الامة في حيوة رسول الله صلى الله عليه واله قيل له كذلك نقول ولكن بشرط غيبته واما عند حضور النبي صلى الله عليه واله فانه لا يجوز ان تكون الطاعة واجبة الا له وهذا حكم الخليفة في المتعارف والعادة (الجواب الثاني) عن هذا السؤال ان النبي صلى الله عليه واله قد اوضح مراده في كلامه لمن فهم وابان عن قصده من قوله لمن علم وذلك انه اتى بجملة اوجب منها لامير المؤمنين عليه السلام ما اراده واستثنى منها ما لم يرده وعلق ذلك بوقت نفى عنه فيه ما نفى فوجب ان يكون هذا اوجب له فيه ما اوجب ولا يجوز ان يتضمن الكلام استثناء ويكون مقيدا بوقت إلا وهو وقت المنفى منه والموجب مثال ذلك قول القائل قام القوم الا زيدا اليوم فلا يجوز ان يكون اليوم إلا وقتا للحالين ففيه قام القوم وفيه بعينه لم يقم زيد ولو لا ان الامر كما ذكرناه لم يحسن الاستثناء وذكر الوقت وقد قال النبي صلى الله عليه واله بعد ما اوجبه لامير المؤمنين
--- [ 279 ]
Sayfa 278