Kâmil Tarih
الكامل في التاريخ
Araştırmacı
عمر عبد السلام تدمري
Yayıncı
دار الكتاب العربي
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
Yayın Yeri
بيروت - لبنان
Türler
Tarih
وَأَمَّا الْفَوَائِدُ الْأُخْرَوِيَّةُ: فَمِنْهَا أَنَّ الْعَاقِلَ اللَّبِيبَ إِذَا تَفَكَّرَ فِيهَا وَرَأَى تَقَلُّبَ الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا وَتَتَابُعَ نَكَبَاتِهَا إِلَى أَعْيَانِ قَاطِنِيهَا، وَأَنَّهَا سَلَبَتْ نُفُوسَه وَذَخَائِرَهُمْ وَأَعْدَمَتْ أَصَاغِرَهُمْ وَأَكَابِرَهُمْ فَلَمْ تُبْقِ عَلَى جَلِيلٍ وَلَا حَقِيرٍ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ نَكَدِهَا غَنِيٌّ وَلَا فَقِيرٌ، زَهَدَ فِيهَا وَأَعْرَضَ عَنْهَا وَأَقْبَلَ عَلَى التَّزَوُّدِ لِلْآخِرَةِ مِنْهَا، وَرَغِبَ فِي دَارٍ تَنَزَّهَتْ عَنْ هَذِهِ الْخَصَائِصِ وَسَلِمَ أَهْلُهَا مِنْ هَذِهِ النَّقَائِصِ، وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ: مَا نَرَى نَاظِرًا فِيهَا زَهَدَ فِي الدُّنْيَا وَأَقْبَلَ عَلَى الْآخِرَةِ وَرَغِبَ فِي دَرَجَاتِهَا الْعُلْيَا، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَمْ رَأَى هَذَا الْقَائِلُ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَهُوَ سَيِّدُ الْمَوَاعِظِ وَأَفْصَحُ الْكَلَامِ يَطْلُبُ بِهِ الْيَسِيرَ مِنْ هَذَا الْحُطَامِ فَإِنَّ الْقُلُوبَ مُولَعَةٌ بِحُبِّ الْعَاجِلِ.
وَمِنْهَا التَّخَلُّقُ بِالصَّبْرِ وَالتَّأَسِّي وَهُمَا مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا رَأَى أَنَّ مُصَابَ الدُّنْيَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ نَبِيٌّ مُكَرَّمٌ وَلَا مَلِكٌ مُعَظَّمٌ بَلْ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ عَلِمَ أَنَّهُ يُصيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ وَيَنُوبُهُ مَا نَابَهُمْ.
شِعْرًا:
وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ ... غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
وَلِهَذِهِ الْحِكْمَةِ وَرَدَتِ الْقَصَصُ فِي الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: ٣٧] . فَإِنْ ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ بِذِكْرِهَا الَاتِ وَالْأَسْمَارَ فَقَدْ تَمَسَّكَ مِنْ أَقْوَالِ الزَّيْغِ بِمُحْكَمِ سَبَبِهَا حَيْثُ قَالُوا: هَذِهِ ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ [الفرقان: ٥] .
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا قَلْبًا عَقُولًا وَلِسَانًا صَادِقًا وَيُوَفِّقَنَا لِلسَّدَادِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
1 / 11