ت الزهر واطرب وانشد
وانقل إلى الفرقد ما
نمنمته عن فرقدي
الرؤية البصرية - في هذه الأبيات - هي الغالبة والمسيطرة؛ وعبر هذه الرؤية تلوح لنا «وداد»، وهي مجموعة من صور التكوين الجمالي: أنشودة وشعر، قامة من قصب السكر، حلاوة زائدة، ريحانة عبقة، زهرة يانعة؛ وهلل يا ربيع واجمد يا دهر، ولا تبرحي يا شمس. الشاعر الأب يسجل أكثر مما يحلل، ولو حدث العكس لاستحالت اللوحة على امتداد الرؤية النفسية إلى تجربة ... تجربة تتفتت فيها تلك اللحظة الزمنية المفجرة لطاقة الانفعال، إلى جزئيات متغيرة ونامية، هذه اللحظة التي تعتبر مركز التفجير الانفعالي، هي تلك التي دار حولها الشاعر بمجموعة من اللفتات الذهنية؛ لحظة الإحساس بالوصول الزمني للابنة إلى سن العشرين. وإذا ما أردنا أن نفتت تلك اللحظة إلى جزئيات، أعني إلى لحظات فرعية ومتولدة، فمن الحتم علينا - ونحن نأخذ مكان الشعر - أن نعيش في قلب اللحظة، لنراقب نموها من الداخل؛ عندئذ تبدو لنا هذه اللحظات الجزئية الوليدة، وهي أشبه بانعكاسات الأشعة المنطلقة من مركز الضوء إلى كل اتجاه، لقد كانت اللحظة الزمنية - لحظة سن العشرين - هي مركز الانطلاق لأشعة الفكر الشعري بالنسبة إلى تجربة الشاعر، انطلاقة إلى الماضي وأخرى إلى الحاضر وثالثة إلى المستقبل، وتلك هي الاتجاهات النفسية التي يمكن أن تلتقي بعد ذلك في نقطة تجمع فكرية، أساسها ارتباط الأزمنة الثلاثة في الوجود الداخلي للطرفين المتقابلين، لنحقق فكرة الشعور بذلك الامتداد الحياتي، المتصل الحلقات بحركة الزمن.
وما نقوله هنا نقوله عن لوحة «ندى» وهي في الخامسة؛ إنها - في منظار الشاعر - بسمة الورد، وهمسة الطهر، وشعلة الحب، ووشاح الجمال، وأخت الفراشات. ولكن الأخطل الصغير يهزنا بعنف في ختام المقطوعة الأخيرة، يهزنا لأنه قد أعطانا على الأقل «خلاصة» التجربة؛ أعطانا مرحلة التبلور النهائي لوقع اللحظة الزمنية - لحظة سن الخامسة - على وجوده الداخلي كإنسان، هذا الواقع مجسم بانفعال صادق ومركز، في الأبيات الثلاثة النهائية من هذه المقطوعة:
نداي! من سلسل الخم
ر في الثنايا العذاب؟
من صفف الشعر فوق ال
جبين سطر كتاب؟
رددت لي بعد يأسي
Bilinmeyen sayfa