منها أن يقترن حكم بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل كان ذلك الاقتران بعيدا وقوعه من الشارع لفصاحته وإتيانه بالألفاظ على مواقعها ولتنزه كلامه عما لا فائدة فيه مثل قوله (اعتق رقبة جوابا لمن) أي لأعرابي (قال) له هلكت وأهلكت (1) فقال (جامعت أهلي) أو واقعت. أخرجه الستة بالمعنى وهذا مثال كون الوصف بعينه للتعليل فيستفاد منه كون الوقاع علة للاعتاق لأن إيراد الأمر به في معرض الجواب يجعله في معنى واقعت فكفر وإن كان دونه في الظهور لتقدير الفاء وإلا لزم إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة ولذا كان احتمال أن يكون ابتداء كلام أو زجرا للسائل عن سؤاله بعيدا جدا
ومن ذلك قوله لابن مسعود وقد توضأ بماء نبذت فيه تمرات لتجتذب ملوحته : (تمرة طيبة وماء طهور )أخرجه الترمذي وأبو داود فلم يرد بيان عين التمرة والماء وإنما أراد أن ذلك علة جواز التوضي به.
واعلم أنه لا تنافي في مسلك النص بين مراتب الصريح ومراتب الإيماء فقد يجتمعان كما في قوله وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا نعم قال : (فلا إذا ) فالنص في الخبر من وجوه ثلاثة الإستنطاق بالوصف وترتيب الحكم على الفاء ولفظ إذا كأنه قال إذا كان الأمر كذلك حرم فلو لم يكن نقصان الرطب باليبس لأجل التعليل لانتفت الفائدة من ذكره إذا الجواب يتم من دونه [*]وهذا الخبر رواه كثير من أئمتنا - عليهم السلام - وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. قال الترمذي حسن صحيح وصححه ابن خزيمة والحاكم فلا تعويل على ما روي عن أبي حنيفة من أنه لما أورد عليه هذا الحديث أجاب بأنه دار على زيد بن أبي العباس وهو ممن لا يقبل حديثه واستحسن أهل الحديث هذا الطعن حتى قال ابن المبارك كيف يقال أبو حنيفة لا يعرف الحديث وهو يقول زيد بن أبي العباس ممن لا يقبل حديثه ؟
Sayfa 201