وأن الله قد ميز بين صغائر الذنوب وكبائرها، فلم يجعل السبة والكذبة والنظرة كالقتل والزنى والربا والسرقة وأشباههن، ولم يجعل القتل وأشباهه كالكفر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والكتاب وأشباه ذلك. وأنه قد خالف بين أحكامهن وأسمائهن وأسماء أهلن. وأنهم لا يشهدون على ذنب بعينه أنه صغير مغفور، إلا أن يكون الله قد سمى من ذلك شيئا في الكتاب بعينه، أو سماه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ما خلا ذنوب الأنبياء عليهم السلام. وأنهم لا يزالون يفسقون أهل الكبائر من أصحاب الحدود، ويبغضونهم، ويشتمونهم، ويحبون أهل الخير وإن أذنبوا على الظن والنسيان، مالم يخرجوا إلى الكبائر. وأنه لا ينبغي لأحد أن يشهد على ذنب بعينه أنه صغير مغفور. وأنهم لم يزالوا يعظمون القتل والزنى والسرقة ونحوهن ممن فعله. وأن معنى الكثير والقليل والعظيم واحد. وأن الجنة دار للمتقين، وأن النار دار للفاسقين. وأنهم لا يزالون يبغضون من اطلعوا على فسقه، وإن كان يستغفر حتى يظهر التوبة النصوح. وأنهم يستحبون أن يكتم كل امرء على نفسه وإن أصاب حدا، وأن التوبة عندهم مقبولة ممن حد وممن لم يحد. وأن من سمى أهل الحدود كافرين ثم حكم عليهم بحكم الكفار عابوه، ومن سماهم مؤمنين وحكم لهم بحكم المؤمنين عابوه وعنفوه. وأن اسم الملة اسم يجمع جميع المنطوين إلى الإسلام وإن كان فيهم فجور. وأن الله قد بين حكمه في جميع الكافرين من مشركي العرب من أهل اللات والعزى، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والمتنقلين من جميع أصناف أهل الكفر من دين إلى دين، والمرتدين عن الإسلام بعد إظهار الدين، وبين حكمه في المؤمنين والفاسقين والمنافقين والمستسرين. وأنه لم يكن يقاتل أحدا من المشركين حتى يدعوه، وأنه قد أبان ذلك كله وفصله، وأنه لا يوجد في زمن النبي عليه السلام كافر ليس بمشرك. وأنهم لا يعتمدون أحدا ممن أقر بالنبي عليه السلام وعلى آله بكفر إلى يوم القيامة أويلحق بالمرتدين. وأن النفاق استسرار بالطعن في دين الله ودين الرسول، وأن الله قد أقام حجته فيما فرض من دينه بتحريم الشك فيه والإنكار له جميعا.
وأن التقية جائزة فيما حمل الناس عليه وهم له كارهون، يخافون القتل والمثلة، وذلك فيما لا يرجع ضرره على أحد من العالمين. وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كان يعذر نفسه وغيره فيما لم يأت جبريل من الدين مما لم يعرف إلا بالسمع مما لم يأته جبريل عليه السلام حتى يأتيه به، وأنه لم يكن يترك أهل دعوته يظهرون قبيحا، وأنه لم يكن يكتم شيئا من الدين الذي أمره الله بإظهاره، ولا يعطى فيه تقيه، وأنه لم يزل له مظهرا يأمر أتباعه بإظهاره والدعاء إليه.
وأن الشيطان يحب دفن الدين ويدعو إلى إماتته. وأنه لا يجوز تغيير شيء مما أثبت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، وأن الدنيا فانية، وأن الآخرة باقية الأبد.
وأن الملائكة والجن والإنس أجناس شتى، وأن الملائكة أفضل برية الله، وأنهم مقربون في كل خير، مقربون في كل منزله، مفضلون في كل ذكر.
وأنه جعل من دينه مؤقتا محدودا، صلاة وصياما ونحوهما، وجعل منه متمهلا فيه لا يدرك حده: بر الوالدين، وصلة الرحم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك من الأمور التي تعرف عند المشاهدة.
وأن الله لا يلبس حكمه، ولا يخلف قوله. وأن من دينهم التثبت فيما غاب عنهم حتى يجيئهم اليقين من تواتر الأخبار وتظاهرها.
وأن الله لا يظلم عباده شيئا، ولا يعذب إلا بعد إنذار، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يحملها إلا طاقتها، ولا يفرض طاعته إلا على أهل الصحة والسلامة والعقل والقوة، وأنه دعا جميع عباده المكلفين إلى دينه، وأنه يحب طاعته، ويبغض معصيته.
Sayfa 255