مثل الأسد القائم في الكابيتول! (ف1، م3، 61، 67-75)
وهذه الصور لا شك من ابتداع خيال كاشياس، وهي لا تغير من الانطباع الذي تكون لدينا عنه حتى الآن. ومن المفارقات الغريبة أن يعود قيصر إلى استخدام نفس الصورة في الحديث عن نفسه (ف2، م ف، 44-46) عندما يقول إنه أشد خطورة من الخطر نفسه، فهو والخطر:
أسدان ولدا في يوم واحد،
لكنني أكبر منه وأشد هولا!
ولكن هذه الإشارة تأتي بعد أن تتحول صورة قيصر في أعيننا للمرة الثانية في الحديث المنفرد الذي يلقيه بروتس في بداية الفصل الثاني (10-34) حين يشير إلى قيصر في صورة بيضة الثعبان التي سبقت الإشارة إليها. ثم يجد نفسه مضطرا بدافع الأمانة الفكرية و«الصدق مع النفس» إلى أن يقول: والحق أن قيصر لم يسمح لأهوائه أن تتحكم في عقله! (20) فهل نصدق بروتس؟ وهل بروتس محق في حكمه هذا على قيصر؟ أم تراه أخطأ في الحكم عليه مثلما أخطأ في الحكم على أنطونيو وكاشياس؟ إن إشارته إلى «تواضع» قيصر (أو حتى التظاهر بالتواضع) في السطر 21 من نفس المشهد توحي بخطل رأيه؛ إذ يتناقض مع التفاخر والتباهي الذي يبديه قيصر، بل ومع سلوكه كله أمامنا على المسرح! ويعلق شانتزر على هذا قائلا: «إن شيكسبير يشكك في صحة الصورة التي يرسمها بروتس لقيصر، مثلما يشكك في الصورة التي يرسمها له كاشياس، ويشكك فيما بعد في الصورة التي يرسمها أنطونيو بحيث تظل طبيعة قيصر الحقيقية لغزا من الألغاز.» (نفس المرجع)
ولا شك أن شانتزر مصيب في هذا، بل إن هذا اللغز لا ينجلي في المشاهد التالية التي نرى فيها قيصر؛ إذ نراه مشغولا - حتى حين يختلي بزوجته في المنزل - برسم صورة قيصر الأسطوري؛ فهو ليس زوجا يخاطب زوجته، بل زعيم مزهو بمنصبه، متفاخرا بموقعه فوق مصاف البشر الفانين:
بل سيخرج قيصر! إن الأشياء التي تتوعدني
لم تر إلا ظهري، أما إن شاهدت وجه قيصر
فسوف تتلاشى في الحال،
فالخطر يعلم حق العلم أن قيصر أشد منه خطرا،
Bilinmeyen sayfa