انتقل إلى يميني حتى أسمعك؛
فأذني اليسرى صماء
وقل لي حقا رأيك فيه. (ف1، م2، 208-211)
ويقول دوفر ويلسون (نفس المرجع، ص113) إن الجو هنا يوحي أيضا بالبلاط الشرقي؛ فعندما يغضب قيصر «تلوح على الجميع سيماء المذلة كأنما أغلظ لهم القول»، ومع ذلك فإن كاسكا يؤكد حصافته وذكاءه السياسي وقدرته على فهم البشر التي شهدنا طرفا منها في وصفه لكاشياس، عندما يتحدث عما فعل مع العامة في ذلك اليوم المشهود، ثم ينهي حديثه بملاحظة بالغة الدلالة وهي العقاب الغامض الذي أنزله قيصر بالضابطين اللذين نزعا الزينة عن التماثيل؛ فهو يقول: إنه أخرس ألسنتهما! مما يوحي للجمهور بأنه قتلهما؛ أي لم يعزلهما من منصبيهما فحسب كما يقول بلوتارخوس.
وصور قيصر - حتى هذه اللحظة؛ أي حتى ف1، م2، 305 - كما يقول شانتزر ترجح كفة الميزان لصالح نظرة المتآمرين إلى قيصر، وتجعلنا نشارك بروتس مخاوفه، ولكن الحديث المنفرد الذي يختتم به كاشياس هذا المشهد يلقي بظلال الشك الكثيفة على صدق دوافعه، ويبين لنا بوضوح وجلاء أن معارضته لقيصر مبعثها دوافع شخصية محضة، ومن ثم يجعلنا نتساءل عن حقيقة الانطباع الذي خرجنا به عن قيصر ومدى صدقه، خصوصا وأن مصدر هذا الانطباع هو في الغالب كاشياس نفسه! ورغم أن كاشياس من أتباع الفلسفة الأبيقورية التي لا تعترف بالخوارق ولا الخرافات؛ فهو يتنكر لفلسفته عندما يحاول إقناع كاسكا بالخوف من قيصر:
لكنك إذا تأملت السبب الحقيقي وراء هذه النيران الساقطة،
فسوف ترى أن السماء قد ألقت فيها تلك الشياطين
حتى تخوفنا وتنذرنا بقرب وقوع حالة شائهة شاذة!
بل إنني أستطيع أن أذكر لك رجلا أشبه ما يكون بهذه الليلة الليلاء!
رجل يرعد ويبرق وينبش القبور ويزأر
Bilinmeyen sayfa