المقام الأول: التصور لا ينال إلا بالحد
في قولهم إن لتصور لا ينال إلا بالحد. الكلام عليه من وجوه
الأول: لا ريب أن النافي عليه الدليل كالمثبت، والقضية سلبية أو إيجابية إذا لم تكن بديهية، لا بد لها من دليل، وأما السلب بلا علم، فهو قول بلا علم، فقولهم لا تحصل التصورات إلا بالحد قضية سالبة وليست بديهية، فمن أين لهم ذلك؟ وإذا كان هذا قولا بلا علم، وهو أول ما أسسوه فكيف يكون القول بلا علم أساسًا لميزان العلم ولما يزعمون أنه آله قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن أن يزل في فكرهه؟
الثاني: أن يقال الحد يراد به نفس المحدود وليس مرادهم هنا. ويراد به القول الدال على ماهية المحدود، وهو مرادهم هنا. وهو تفصيل ما دل عليه الاسم بالإجمال. فيقال إذا كان الحد قول الحاد، فالحاد إما أن يكون عرف المحدود بحد أو بغير حد، فإن كان الأول فالكلام في الحد الثاني كالكلام في الأول. وهو مستلزم للدور أو التسلسل، وإن كان الثاني بطل سلبهم، وهو قولهم: إنه لا يعرف إلا بالحد.
الثالث: أن الأمم جميعهم من أهل العلوم والمقالات وأهل الأعمال والصناعات يعرفون الأمور التي يحتاجون إلى معرفتها، ويحققون ما يعانونه
2 / 12