ولا الخطابي ولا الجدلي، بل ولا الشعري. فيقال: إذا كان لا بد في كل ما يسمونه برهانا من قضية كلية، فلا بد من العلم بتلك القضية الكلية: أي من العلم بكونها كلية، وإلا فمتى جوز عليها أن لا تكون كلية، بل جزئية، لم يحصل العلم بموجبها. والمهملة (هي) المطلقة التي يحتمل لفظها أن يكون كلية وجزئية في قوة الجزئية، وإذا كان لا بد في العلم الحاصل بالقياس الذي يخصونه باسم البرهان من العم بقضية كلية موجبة، فيقال العلم بتلك القضية إن كان يديها. أمكن أن يكون كل واحد من أفرادها بديهيًا بطريق الأولى، وإن كان نظريًا احتاج إلى علم بديهي، فيفضى إلى الدور المعي أو التسلسل في المتواترات وكلاهما باطل.
وهكذا يقال في سائر القضايا الكلية التي يجعلونها مبادئ البرهان، ويسمونها الواجب قبولها سواء كانت حسية ظاهرة أو باطنه، وهي التي يحسها بنفسه أو كانت من المحرمات أو المتواترات أو الحدسيات عند من يجعل منها ما هو من اليقينيات الواجب قبولها، مثل العلم يكون القمر مستفادا من الشمس إذا رأى اختلاف أشكاله عند اختلاف محاذاته للشمس، كما يختلف إذا قاربهما بعد الإجماع كما في ليلة الهلال، وإذا كان ليلة الاستقبال عند الإبدار. وهم متنازعون: هل الحدس قد يفيد اليقين أم لا؟ ومثل العقليات المحضة، مثل قولنا الواحد نصف الاثنين، والكل أعظم من الجزء، والأشياء المساوية لشئ واحد متساوية، والضدان لا يجتمعان، والنقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان، فما من قضية من هذه القضايا الكلية التي تجعل مقدمة في البرهان إلا والعلم بالنتيجة ممكن بدون توسط ذلك
2 / 33