وما الضحك بشيء واحد ...
وما نضحك بسبب واحد ...
وما نفكر في الضحك على نحو واحد ...
ولكنها الكلمة التي لا غنى عنها، ولا أمان منها كذلك ما لم نعرف سر الرصد المسحور.
وها نحن أولاء في هذه الرسالة نعرف سر هذا الرصد في كلمة واحدة - كلمة الضحك - لنعرف منها أمير المضحكين بين المضحكين، ونعرف منها أضاحيكه بين أشتات المضحكات.
الضحك ضحوك عدة إذا صح هذا التعبير، وليس بضحك واحد ونحن نضحك لأسباب كثيرة، ولسنا نضحك لسبب فرد لا يتعدد، ويوشك أن يكون لكل حالة من حالات ضحكتها التي تصدر عنها ولا تصدر عن حالة غيرها، كأنما هي لغة كاملة على أسلوبها في التعبير.
هناك ضحك السرور والرضا، وهناك ضحك السخرية والازدراء، وهناك ضحك المزاح والطرب، وهناك ضحك العجب والإعجاب، وهناك ضحك العطف والمودة، وهناك ضحك الشماتة والعداوة، وهناك ضحك المفاجأة والدهشة، وهناك ضحك المقرور، وضحك المشنوج، وضحك السذاجة، وضحك البلاهة، وما يختاره الضاحك وما ينبعث منه على غير اضطرار.
بل ربما كان لكل مضحكة من هذه المضحكات ألوان لا تتشابه في جميع الأحوال.
فالضاحك المسرور قد يكون سروره زهوا بنفسه واحتقارا لغيره، وقد يكون سروره فرحا بغيره، لا زهو فيه بالنفس ولا احتقار للآخرين.
والضاحك الساخر قد يضحك من عيوب الناس؛ لأنه يبحث عن تلك العيوب ويستريح إليها، ولا يتمنى خلاص أحد منها، وقد يضحك من تلك العيوب؛ لأنه ينفس عن عاطفة لا يستريح إليها عامة بين إخوانه الآدميين، ولا خاصة في أحد يعنيه من أولئك الإخوان.
Bilinmeyen sayfa